به ، فهو خارج عن محل البحث. هذا ، من غير فرق بين قول الوالد والولد ، والقول الثالث الذي هو في غاية الإفراط.
وأما الوجه النقلي ، فقوله سبحانه : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً ، يَرَهُ) (١).
يلاحظ عليه : إنّ الاستدلال بالآية إنما يتم على القولين الأول والثالث حيث لا يكون للإحسان القليل دور ، وأما على القول الثاني ، فالآية قابلة للانطباق عليه ، لأنه إذا كان للإحسان القليل تأثير في تقليل الإساءة الكثيرة ، فهو نحو رؤية له ، لأن دفع المضرة كالنّفع في أنّه مما يعدّ منفعة. وهذا كما إذا ربح إنسان في تجارة ، قليلا ، وخسر في تجارة أخرى أكثر ، فأدّى بعض ديونه من الربح القليل.
نعم ، الظاهر من الآية ، رؤية جزاء الخير ، وهو بالقول بعدم الإحباط ، ألصق وأطبق.
سؤال وجوابه
السؤال : لو كان القول بالإحباط مستلزما للظلم ، أو كان مستلزما لخلف الوعد ، فما هو المخلص فيما يدل على حبط العمل ، في غير مورد من الآيات التي ورد فيها أنّ الكفر والارتداد ، والشرك والإساءة إلى النبي وغيرها مما يحبط الحسنات (٢). ما هو الجواب عن هذه الآيات؟ وما هو تفسيرها؟.
الجواب : إنّ القائلين ببطلان الإحباط يفسرون الآيات بأن الاستحقاق في مواردها كان مشروطا بعدم لحوق العصيان بالطاعات ، فإذا عصى الإنسان ولم يحقق الشرط ، انكشف عدم الاستحقاق.
ويمكن أن يقال بأن الاستحقاق في بدء صدور الطاعات لم يكن مشروطا
__________________
(١) سورة الزلزلة : الآية ٧.
(٢) سنذكرها في آخر البحث.