على القبائح
المحتفة بما يوجد الندم في النفس دون الأخرى. ولو اشتركت جميع القبائح في قوة
الدواعي اشتركت في وقوع الندم عليها جميعا ، ولم يصح الندم على البعض دون الآخر .
وهذا مما يلمسه
الإنسان في حياة المجرمين ، فربما يحضر عاص أنديه الوعظ والإرشاد ، فيستمع إلى
الخطيب ، يندد ببعض المعاصي كشرب الخمر ، وأكل الربا ، ويذكر قبحهما وشناعتهما ،
وما يترتب عليهما من إشاعة البغضاء في المجتمع ، فيحصل في نفسه داع قوي يدفعه إلى
ترك هذين القبيحين ، وفي الوقت نفسه قد لا يجد داعيا لترك غير هما من المعاصي التي
اعتاد عليها ، كالغيبة لا لأنه لا يراها قبيحة ، بل لأنها لم تحتف بما يوجد داعي
الندم في نفسه ، بخلاف الأولين. فجميعها ، إذن ، تشترك في القبح والشناعة ، غير
أنّ الأوّلين يتميزان بوجود الداعي إلى التوبة عنهما فتاب ، دون الآخر.
وبذلك يظهر الجواب
عما ذكره أبو هاشم من أنّه إذا كانت توبته عن بعض القبائح لأجل قبحها ، فهو موجود
في البعض الآخر أيضا ، فلم تاب عن الأولى دون الأخرى؟.
وجه الجواب أنّ
الكل يشترك في القبح ، لكن ترك البعض دون الآخر ، لا لأجل اعتقاده أنّ واحدا قبيح
دون الآخر ، بل إنه يعتقد بقبحهما ، ولكن الداعي للتوبة موجود في أحدهما دون
الآخر.
ولقد أحسن المحقق
الطوسي ، حيث قال : التحقيق أنّ ترجيح الداعي إلى الندم على البعض يبعث عليه خاصة
، وإن اشترك الداعي في الندم على القبيح لقبحه ، كما في الدواعي إلى الفعل. ولو
اشترك الترجيح ، اشترك وقوع الندم ، فلا يصح الندم .
ومما يوضح ذلك
أنّه لو أسلم يهودي ورجع عن كفره ، نادما على ما مضى من عمره ، ولكنه بقي مصرا على
صغيرة من الصغائر ، فلو قلنا بأنّ التوبة من
__________________