غفلة عن أمّته ، بل يتصرف في مصالحها ويرعى شئونها ، من دون أن يعرفه أبناء الأمّة.
فعلى ضوء الكتاب الكريم ، يصحّ لنا أن نقول بأنّ الولي إما ولي حاضر مشاهد ، أو غائب محجوب.
وإلى ذلك يشير الإمام علي بن أبي طالب في كلامه لكميل بن زياد النخعيّ ، يقول كميل : «أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فأخرجني إلى الجبّان ، فلما أصحر ، تنفّس الصعداء ، وكان مما قاله : «اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة ، إمّا ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا لئلّا تبطل حجج الله وبيّناته» (١).
وليست غيبة الإمام المهدي ، بدعا في تاريخ الأولياء ، فهذا موسى بن عمران ، قد غاب عن قومه قرابة أربعين يوما ، وكان نبيّا وليّا ، يقول سبحانه : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (٢).
وهذا يونس كان من أنبياء الله سبحانه ، ومع ذلك فقد غاب في الظلمات كما يقول سبحانه : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ، فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ ، وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (٣).
أو لم يكن موسى ، ويونس نبيّين من أنبياء الله سبحانه؟ وما فائدة نبي يغيب عن الأبصار ، ويعيش بعيدا عن قومه؟.
فالجواب في هذا المقام ، هو الجواب في الإمام المهدي عليهالسلام ، وسيوافيك ما يفيدك ، من الانتفاع بوجود الإمام الغائب في زمان غيبته في جواب السؤال التالي.
__________________
(١) نهج البلاغة بتعليقات عبده ، ج ٤ ، ص ٣٧ ، قصار الحكم ، الرقم ١٤٧.
(٢) سورة الأعراف : الآية ١٤٢.
(٣) سورة الأنبياء : الآيتان ٨٧ ـ ٨٨.