والبحث عن هذه الأمور يحوجنا إلى تأليف مفرد ، وهو خارج عن وضع كتابنا (١) ، إلّا أنّ المهم هنا هو التركيز على أنّ الإرادة في الآية تكوينية ، خاصة بأهل البيت ، وليست تشريعية ، وأمّا المقصود من أهل البيت ، فقد تقدّمت المأثورات فيهم عند البحث عن حديث الثقلين.
الإرادة تكوينية لا تشريعية
إنّ انقسام إرادته سبحانه إلى القسمين المذكورين ، من الانقسامات الواضحة ، ومجمل القول فيهما أنّه إذا تعلقت إرادته سبحانه على إيجاد شيء وتكوينه في صحيفة الوجود ، فالإرادة تكوينية لا تتخلف عن المراد.
قال سبحانه : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ ، فَيَكُونُ) (٢).
وأما إذا تعلّقت بتشريع حكم وقانون ، لفرض عمل المكلّف به ، فالإرادة تشريعية ، ومتعلّقها هو التشريع ، وأمّا امتثال المكلف فهو من غايات التشريع ، ربما يقع ويترتب عليه ، وربما ينفك عنه.
والقرائن تدلّ على أنّ المراد هنا هو الأول من الإرادتين ، بمعنى أنّ إرادته سبحانه ، تعلّقت على إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم من كل شيء يتنفر منه ، على غرار تعلق إرادته بإيجاد الأشياء في صحيفة الوجود.
والذي يدلّ على ذلك أمور :
١ ـ إنّ الإرادة التشريعية لا تختص بطائفة دون طائفة ، بل هي تعمّ المكلّفين عامة ، يقول سبحانه ، بعد أمره بالوضوء والتيمم عند فقدان الماء : (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٣).
__________________
(١) قد أفاض الشيخ الأستاذ الكلام في هذه المواضيع في موسوعته التفسيريّة ، مفاهيم القرآن ، ج ٥ ، ص ٢١٥ ـ ٣٢٢.
(٢) سورة يس : الآية ٨٢.
(٣) سورة المائدة : الآية ٦.