الميول متبدلة وتكون القوّة في إعطاء الميول القسرية كالعلّة (١) في إعطاء الميول العرضية.
ثمّ تلك القوّة الباقية القارّة إنّما تكون قوّة إذا كان من شأنها التأثير فإذا بلغ الهواء عند الاندفاع إلى البداية في التلبد والتصلّب إلى حد لا يقبل تأثير تلك القوّة عدمت القوّة.
الثاني : اشتهر عند الحكماء أنّ للفلك طبيعة خامسة (٢) ، ثمّ نفوا بالدليل الطبيعة عنه ، فتأولوا الإطلاق بوجهين :
الوجه الأوّل : تلك الحركات ليست مخالفة لمقتضى طبيعة أخرى لتلك الأجسام ، فإنّ مبدأ تلك الحركة وإن لم تكن طبيعية لكنّه شيء غريب عن ذلك الجسم فكأنّه طبيعة.
الوجه الثاني : تحريك القوّة إنّما يكون بواسطة الميل على ما عرفت ، فمحرّك الحركة الأولى لا يزال يحدث في ذلك الجسم ميلا بعد ميل وذلك الميل لا يمتنع أن يسمّى طبيعة لأنّه ليس بقسر ولا إرادة ولا أمر حصل من الخارج ، ولا يمكنه أن لا يحرك أو يحرك إلى غير تلك الجهة ، ولا هو أيضا مضاد لمقتضى طبيعة ذلك الجسم فإن سميت هذا طبيعة كان لك أن تقول : إنّ الفلك لا يتحرك بالطبيعة.
الثالث : في الحركة التي من تلقاء المتحرك تفسيران : (٣)
__________________
(١) في المباحث : «كالطبيعة».
(٢) اختلف أصحاب الطبائع في أصول الأجسام ، فمنهم من قال إنّها أربعة : الأرض والماء والنار والهواء ومنهم من قال بجنس خامس وهو الفلك وأنّه طبيعة خامسة غير قابلة للكون والفساد. البغدادي ، أصول الدين : ٥٣ (المسألة الثامنة من الأصل الثاني في تجانس الأجسام). راجع أيضا الفصل الثاني من الفن الثاني من طبيعيات الشفاء (السماء والعالم).
(٣) راجع الرابع عشر من رابعة الأوّل من الشفاء (السماع الطبيعي) : ٣٢٨ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٤٤.