وفيه نظر ، فانّا نقول : تضاد العارض لا يوجب تضاد المعروض والبداية والنهاية عارضتان للنقطتين المتساويتين في الحقيقة وللحركة أيضا فكيف اقتضى تضاد العارض هنا تضاد الحركات وقد منعتم ذلك في المحلّ والزمان على ما سلف؟
ثمّ لا يلزم من انتفاء العلية انتفاء الاحتياج فجاز أن لا يكون أحد ما ذكرتم علّة ويكون محتاجا إليه. والحركات المتفقة في الجنس الأسفل متحدة بالجنس الأسفل كالانتقال من فوق إلى أسفل وبالعكس ، والانتقال من السواد إلى البياض وبالعكس. وإن أخذ الجنس الأعلى كانت متحدة به كالحركة في الكم أو الكيف. وإن اختلفت في الأعلى لم تكن متحدة باعتبار الذاتيات بل باعتبار العوارض كالحركة في الكم والكيف.
واعلم أنّ اختلاف الحركات بالطبع والقسر لا يوجب اختلاف الحركات في الماهية (١) لما بيّنا من أنّ وحدة المحرك غير معتبرة في وحدة الحركة. ولأنّ حركة الحجر إلى فوق قسرا تخالف حركة النار إليه طبعا والحركتان واحدة ، لأنّ الماهية الواحدة يجوز تعلقها بالمختلفات كالحرارة الطبيعية والقسرية فانّهما متفقان في الماهية ، وكذا الألوان والأشكال الطبيعية والقسرية لا تختلف باعتبار كونها طبيعية أو قسرية ، فكذا الحركات.
فإذن الاختلاف بالطبع والقسر لا يوجب الاختلاف في الماهية.
__________________
(١) قال الشيخ : «الاختلاف الذي بين الحركات في أن تكون طبيعية أو قسرية ، فإنّه أيضا اختلاف في أمور خارجة عن ماهية الحركة وإن كان لازما.» الثالث من رابعة الأوّل من الشفاء (السماع الطبيعي) : ٢٦٨ ـ ٢٦٩.