القسم الثاني : في باقي أنواع الكيف
أمّا الحال والملكة (١) فقد أنكر بعضهم وجود الحركة فيه ، لأنّها كيفيات نفسانية والحركة على النفس محال. (٢)
قيل : إنّ العلم لا يمكن فيه الحركة ، لأنّ الذي يفرض علما إن حصل معه احتمال نقيضه ولو على أبعد الوجوه لم يكن علما. وإن لم يحصل ذلك الاحتمال البتة استحال أن يوجد ما هو أقوى منه.
وفيه نظر ، فانّ العلم طرف والطرف لا حركة فيه وإنّما الحركة فيما يقبل الشدة والضعف والزيادة والنقصان ويكون محبوسا بين طرفين. وكما أنّ الشكّ لا يقبل الحركة كذا العلم. وأمّا الظنون والإرادات والكراهات والآلام واللذات والشهوات والنفرات والصحّة والمرض والإحساس فممّا تقع فيه الحركة لقبول كلّ واحد منها الشدّة والضعف والزيادة والنقصان ، وأنّها تحدث على التدريج.
وأمّا القوّة واللاقوة (٣) فذهب قوم إلى أنّهما تابعان لأمزجة خاصة ويمتنع أن يوجد أحدهما مع المزاج الذي يوجد معه الآخر ، فموضوعهما غير مشترك فلا تضاد
__________________
(١) قال الشيخ : «وأمّا كون الحركة في الكيف فذلك ظاهر لكن في الناس من لم ير الحركة في أنواع الكيف كلّها إلّا في الصنف المنسوب إلى الحواس ، فقال : أمّا نوع الحال والملكة فهو متعلّق بالنفس ، وليس موضوعه الجسم الطبيعي.» الثالث من ثانية الأوّل من طبيعيات الشفاء. راجع أيضا المباحث المشرقية ١ : ٧٠٠.
(٢) أنظر جواب هذا الاستدلال في عبارات الشيخ.
(٣) قال الشيخ : «وأمّا القوّة واللاقوة والصلابة واللين وما أشبه ذلك فإنّها تتبع أعراضا تعرض للموضوع ، ويصير الموضوع مع بعض تلك الأعراض موضوعا لها ، فلا يكون حينئذ الموضوع للقوة هو بعينه الموضوع لعدم القوة.» المصدر نفسه.