أخرى؟
قال الشيخ : ما معناه النار الكثيرة التي تنفصل عن خشبة الغضا منها ما ينفصل وتبقى في ظاهر جمرها وباطنها ما يبقى لا يمكن أن تكون موجودة بالفعل في باطنها على سبيل الكمون غير محرقة إياها ، وكذلك الناريّة الفاشية في الزجاج الذائب لو كان قبل ذلك في الزجاج موجودا لكان مبصرا كما كان بعد البروز مبصرا إذ هو شفاف لا يمنع البصر عن النفوذ فيه والإحساس بما في باطنه ، لو (١) لم تكن في الغضا إلّا النارية الباقية بعد التجمّر لامتنع التصديق بوجودها بالفعل فيه وجودا لا يبرزه الرض والسحق ولا يدرك باللمس والنظر ، فكيف يمكن أن تصدق بوجود جميع تلك النارية التي انفصلت عنها حالة الاشتعال مع هذه الباقية؟ (٢)
واعترض أفضل المتأخرين بأنّ حرارة الأدوية الحارة كالفربيون (٣) إنّما تكون لكثرة الأجزاء النارية التي فيها مع أنّها غير ظاهرة للحس عند السحق والرض ، فلم لا يجوز أن يكون هاهنا مثله؟
فإن قيل : ليس فيها أجزاء نارية لكنّها تسخّن بدن الحيّ عند انفعالها عنه بالخاصية.
كان قولا بأنّها تسخّن بالخاصية لا بالكيفية ، وهو خلاف إجماع الأطباء. (٤)
وأجاب أفضل المحقّقين : بأنّ أجزاء النارية التي في الفربيون إنّما لا تظهر
__________________
(١) في المصدر : + «بل» قبل «لو».
(٢) شرح الإشارات ٢ : ٢٨٢.
(٣) الفربيون : نبات من فصيلة الفربيونيات. متعدد الأنواع وكثير الانتشار. تحوي سيقانه وأوراقه عصارة لبنيّة سامّة وخطرة إذا مسّت العين.
(٤) المصدر نفسه : ٢٨٣.