صرافة كلّ واحد بصرافة الآخر أو لا تنكسر.
فإن انكسرت تثبت لا محالة ، وإن لم تنكسر فلا يخلو إمّا أن يكون الملاقي لأحد الجزءين ملاقيا للآخر أو لا يكون ، فإن لم يكن لم يكن الجزءان متداخلين وإن كان فإذا لمسنا الماء بأيدينا وجب أن نحس من سطح ذلك الجسم الملموس سخونة مثل سخونة النار سارية في كلّ ذلك السطح ، وبرودة مثل برودة الثلج سارية في كلّه ، لأنّه ليس في (١) ذلك السطح موضع إلّا وقد حصلت فيه هاتان الكيفيتان. ولمّا بطل ذلك بطل ما قالوه.
وأيضا فلأنّ الحار لمّا كان كامنا بالمداخلة وجب إذا تخلص البارد من الحار والحار من البارد أن يأخذ المجموع مكانا أعظم وليس كذلك ، فإنّ ظهور الحر قد يتبعه العظم فامّا عند غلبة البارد على الحار فذلك ممّا ينقص الحجم نقصا محسوسا. وليس ظهور البرد يوجب فرط مداخلة والمداخلة توجب زيادة الخفاء ونقصان الجسم ، لأنّ حكم كلّ واحد من المتداخلين كحكم الآخر في المقدار.
فأمّا إذا فسّروا الكمون بانحصار الأجزاء في باطن الجسم فيجب أن يكون باطن الماء البارد أسخن من الماء المتسخن ، لأنّه إذا تسخّن فقد تفرّقت النيران وقبل ذلك فقد كانت مجتمعة فتكون سخونتها أقوى ، لكنّا لا نحس بالحرارة لا في باطن الجسم ولا في ظاهره ، بل ربما نجد باطنه أبرد من ظاهره ، إلّا إذا قيل النار الباطنة لا تحرق ولا تسخن وإذا جاورتها النار الخارجية أبرزتها وجعلتها مسخنة وذلك اعتراف بالاستحالة.
الوجه الثاني : ظهور الكامن إمّا أن يكون بسبب خارجى أو لا بسبب خارجي. فإن لم يكن بسبب خارجي بل بطبيعته وذاته وجب أن يكون ظاهرا أبدا. وإن كان بسبب خارجي فذلك السبب إمّا أن يفيد تلك الأجزاء الكامنة قوّة بها
__________________
(١) في النسخ : + «كله» قبل «في» ، ولعلّها زيادة من الناسخ.