الخلق : لمن الملك اليوم؟ (١) إلّا أنّه لا تقارنه منفعة وإن كان يجوز أن يتقدمه بخبره عنه ، ولذلك منعوا الروايات التي فيها : أنّ الله تعالى خلق شيئا ، قبل أن يخلق عالما ملكا (٢) أو يخبره وإن كان يمكن أن تحصل به المنفعة من بعد كما أنّه لم يقارنه. وإذا صحّ ذلك من أصولهم لم يصحّ قولهم بخلق الفناء مع استحالة مقارنة المنفعة به.
وأمّا المعارضة بالفناء فالجواب من وجهين :
الأوّل : أنّه يمكن فيه حصول منفعة الاعتبار أو منفعة اللذة ، فانّ تفريق أجزاء الحي إذا كانت مع الشهوة كان لذيذا ، فيجوز أن يكون موت أجزاء الأحياء كذلك. ويجوز أيضا أن يكون ألما فيكون عقابا ولوما.
الثاني : إنّما نمنع وجوب مقارنة المنفعة على ما شرطتم أنتم ، فيكون هذا الكلام لازما لكم.
__________________
(١) غافر / ١٦. وانظر ما روي بهذه التعابير في بحار الأنوار ٦ : ٣٢٤ ـ ٣٢٦. منها ما روي عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في حديث ، حيث قال : «ينادي الجبّار جلّ جلاله : «لمن الملك اليوم؟» فلا يجيبه مجيب ، فعند ذلك ينادي الجبّار جلّ جلاله مجيبا لنفسه : «لله الواحد القهّار» وأنا قهرت الخلائق كلّهم وأمتّهم ، إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا وحدي ، لا شريك لي ولا وزير» الحديث ، وفي الوقت نفسه هو خبر واحد.
وينقل المجلسي رحمهالله احتمالات عن المفيد رحمهالله لخطابه عزوجل عند فناء الخلق وأنّه تعالى كيف يخاطب المعدوم؟
ثمّ يقول : هذه الأخبار دافعة لتلك الاحتمالات ، والشبهة مندفعة بأنّ الخطاب قد يصدر من الحكيم من غير أن يكون الغرض إفهام المخاطب أو استعلام شيء ، بل لحكمة أخرى كما هو الشائع بين العرب من خطاب التلال والأماكن والمواضع لإظهار الشوق أو الحزن أو غير ذلك ، فلعلّ الحكمة هاهنا اللّطف للمتكلّفين من حيث الإخبار به قبل وقوعه ليكون ادعى لهم إلى ترك الدنيا وعدم الاغترار بملكها ودولاتها ، وإلى العلم بتفرّد الصّانع بالتدبير وغير ذلك من المصالح للمكلّفين. المصدر نفسه.
(٢) العبارة كذا.