يا ربّ؟ ـ قال الله : يا موسى تأخذ عليهم انّ محمّدا (ص) خير النّبيّين وسيّد المرسلين ، وانّ أخاه ووصيّه عليّا خير الوصيّين ، وأنّ أولياءه الّذين يقيمهم سادة الخلق ، وانّ شيعته المنقادين له ولخلفائه نجوم الفردوس الا على وملوك جنّات عدن فأخذ عليهم موسى ذلك ؛ فمنهم من اعتقده حقّا ومنهم من أعطاه بلسانه دون قلبه ، فالفرقان النّور المبين الّذى كان يلوح على جبين من آمن بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) وعترتهما وشيعتهما وفقده من جبين من أعطى ذلك بلسانه دون قلبه أقول : الإقرار بهذه المعاني والمراتب المذكورة ليس الّا بقبول الولاية فانّه بالولاية يتبيّن مراتب الوجود وأنّ بعضها أفضل من بعض ومراتب الرّسل والأوصياء وانّ بعضهم أكمل من بعض لا بغيرها (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الى مقامات الأنبياء والرّسل ومراتب الوجود ومراحل السّلوك وعوالي العوالم (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) عدّ نعمة أخرى فانّ توجّه موسى إليهم وتذكيرهم بالتّوبة وتعليمهم طريق التّوبة نعمة عظيمة كما انّ قبولهم لقوله (ع) وتوبتهم بقتل أنفسهم كانت نعمة عظيمة (يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) آلها (فَتُوبُوا) عن ظلمكم وضلالكم بما برأتم (إِلى بارِئِكُمْ) التّعليق على الوصف للاشعار بعلّة التّوبة والتّنبيه على غاية الغباوة بالانصراف عن الباري الى المبروء (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) الّتى اقتضت الانصراف عن الباري الى المبروء الّذى هو غاية الحماقة ؛ فالمراد بالأنفس الأنفس المقابلة للعقول ، أو فاقتلوا وأفنوا أنانيّاتكم الّتى اقتضت الاستقلال بالآراء الكاسدة ، أو اقتلوا ذواتكم بقتل بعضكم بعضا. وما ورد في الاخبار من أنّهم أمروا ان يقتلوا أنفسهم بالسّيوف وأنّهم كانوا سبعين ألفا شهروا السّيوف على وجوههم يدلّ على ذلك ، مثل ما ورد انّ العابدين كانوا ستّمائة الف الّا اثنى عشر ألفا وهم الّذين لم يعبدوا العجل أمر الله اثنى عشر ألفا لم يعبدوا العجل ان يقتلوا الّذين عبدوا العجل فشهروا سيوفهم وقالوا : نحن أعظم مصيبته من عبدة العجل نقتل آباءنا وقراباتنا بأيدينا فنزل الوحي على موسى (ع) ان قل لهم : توسّلوا بالصّلوة على محمّد (ص) وآله (ع) حتّى يسهل عليكم ذلك فتوسّلوا فسهل عليهم ذلك فلّما استمرّ القتل فيهم وهم ستّمائة الف الّا اثنى عشر ألفا واستسلموا لذلك وقف الله الّذين عبدوا العجل على مثل ذلك فتوسّلوا فتاب الله عليهم فرفع القتل. ونقل انّه قتل منهم عشرة آلاف فوقفوا فرفع القتل (ذلِكُمْ) القتل (خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ) كرّر الباري للتّلذذ والتّمكين وإحضار الله بالوصف المخصوص تأكيدا لنسبة الغباوة إليهم بالانصراف عن عبادة الباري الى عبادة المبروء.
اعلم انّ اسم الله وسائر أسمائه تعالى قد تكرّر في الكتاب كثير تكرار ، والوجه العامّ التّمكين في القلوب وتلذّذ الموحى اليه بسماعه وذكره ويوجد في خصوص المقامات دواع خاصّة غير ذلك سواء اقتضت الدّواعى أسماء خاصّة مثل اقتضاء مقام التّهديد الأسماء القهريّة كالاسماء الدّالّة على الغضب والانتقام وسرعة الانتقام ومثل اقتضاء مقام الوعد الأسماء اللّطفيّة اولا.
(فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ) لن نذعن (لَكَ) بالنبوة (حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) بجرأتكم على نبيّكم وعلى ربّكم وسوء أدبكم (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) الى الصّاعقة تنزل بكم فمتّم (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) اشارة الى انّ البعثة كانت عن موت لا عن إغماء ، وهذه الآية تدلّ