وكلّما صدر منه أو انتهى إليها (وَفَضْلٍ) منه قد مضى انّ الفضل الرّسالة وقبول أحكامها والمجازاة بها ولذلك فسّر النّعمة بعلىّ (ع) والفضل بمحمّد (ص) والتّنكير فيهما للتّفخيم (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) قرئ بفتح الهمزة للعطف على نعمة وقرئ بكسر الهمزة للعطف على يستبشرون أو لكونها حالا (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) صفة للمؤمنين أو خبر مبتدء محذوف ، أو مفعول فعل محذوف للمدح ، أو مبتدء خبره جملة (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) والجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدّر ، روى انّ الرّسول (ص) لمّا دخل المدينة من وقعة أحد نزل عليه جبرئيل وقال : يا محمّد (ص) انّ الله يأمرك ان تخرج في اثر القوم ولا يخرج معك الّا من به جراحة فأمر رسول الله (ص) مناديا ينادى يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت به جراحة فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمّدون جراحاتهم ويداوونها فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح فلمّا بلغ رسول الله (ص) حمراء الأسد وهو على ثمانية أميال من المدينة وقريش قد نزلت الرّوحاء قال عكرمة بن ابى جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن وليد نرجع ونغير على المدينة قد قتلنا سراتهم وكبشهم يعنون حمزة فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر فقال : تركت محمّد (ص) وأصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم جدّ الطلب فقال ابو سفيان : هذا النّكد والبغي فقد ظفرنا بالقوم وبغينا والله ما أفلح قوم قطّ بغوا فوافاهم نعيم بن مسعود الاشجعىّ فقال ابو سفيان : اين تريد؟ ـ قال المدينة لامتار لأهلي طعاما ، فقال : هل لك ان تمرّ بحمراء الأسد وتلقى أصحاب محمّد (ص) وتعلمهم انّ حلفاءنا وموالينا قد وافونا من الأحابيش حتّى يرجعوا عنّا ولك عندي عشرة قلائص املأها تمرا وزبيبا ، قال : نعم ؛ فوافى من غد ذلك اليوم حمراء الأسد فقال لأصحاب رسول الله (ص) اين تريدون؟ ـ قالوا : قريشا قال : ارجعوا انّ قريشا قد اجتمعت إليهم حلفاؤهم ومن كان تخلّف عنهم وما اظنّ الّا أوائل خيلهم يطلعون عليكم السّاعة فقالوا : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ما نبالى ، فنزل جبرئيل على رسول الله (ص) فقال : ارجع يا محمّد (ص) فانّ الله قد ارعب قريشا ومرّوا لا يلوون على شيء ، فرجع رسول الله (ص) وانزل الله : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا) ؛ الآية ، وقيل : نزلت الآية في بدر الصّغرى وذلك انّ أبا سفيان حين أراد ان ينصرف من أحد قال : يا محمّد (ص) موعدنا موسم بدر الصّغرى من قابل ، فلمّا كان العام المقبل خرج ابو سفيان في أهل مكّة فالقى الله عليه الرّعب فبدا له فلقي نعيم بن مسعود الاشجعىّ فقال له أبو سفيان : انّى واعدت محمّد (ص) ان نلتقي بموسم بدر وانّ هذه عام جدب وبدا لي ان لا اخرج اليه وإكراه ان يزيدهم ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثّبطهم ولك عندي عشرة من الإبل أضعها على يد سهيل بن عمرو ، فأتى نعيم المدينة فوجد النّاس يتجهّزون فثبّط وأرعب أصحاب الرّسول فقال رسول الله (ص): والّذى نفسي بيده لاخرجنّ ولو وحدي فانحرف الجبان وتأهّب الشّجاع وقال : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، فخرج رسول الله (ص) في أصحابه حتّى وافوا بدرا الصّغرى وكانت موضع سوق لهم في الجاهليّة يجتمعون إليها في كلّ عام ثمانية ايّام فأقام ينتظر أبا سفيان وقد انصرف ابو سفيان فسمّاهم أهل مكّة جيش السّويق وقالوا : خرجتم تشربون السّويق ، ووافق رسول الله (ص) السّوق وكانت لهم تجارات فباعوا وأصابوا للدّرهم درهمين وانصرفوا الى المدينة سالمين غانمين (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) صفة (الَّذِينَ اسْتَجابُوا) ، أو صفة (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ،) أو مبتدء خبره (فَزادَهُمْ إِيماناً) ودخول الفاء في الخبر لكون المبتدأ متضمّنا معنى الشّرط ، أو خبره (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) ، أو خبر مبتدء محذوف ، أو مبتدء خبر محذوف ، أو مفعول فعل محذوف للمدح والمراد