منهم بحسب وجوده دركات من النّيران فلا حاجة في الآية الى بعض التّقديرات والتأويلات ، روى عن الصّادق (ع) انّ الّذين اتّبعوا رضوان الله هم الائمّة عليهمالسلام وهم والله درجات عند الله للمؤمنين وبولايتهم ومعرفتهم لنا يضاعف الله لهم أعمالهم ويرفع الله لهم الدّرجات العلى ، والّذين باءوا بسخط من الله هم الّذين جحدوا حقّ علىّ (ع) وحقّ الائمّة منّا أهل البيت فباؤا لذلك بسخط من الله (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) فيعلم عمل كلّ ودرجته على حسب عمله فيجازيه على حسبها وهذا تهديد وترغيب (لَقَدْ مَنَّ اللهُ) أنعم الله (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) بشرا مثلهم ومن سنخهم (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) أو يقرأ عليهم آيات كتابه بعد ما كانوا جهّالا لا يعرفون كتابا ولا شريعة (وَيُزَكِّيهِمْ) يطهّرهم ممّا ينبغي للإنسان ان يطهّر عنه (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) قد مضى بيان التّزكية وتعليم الكتاب والحكمة ووجه تأخير التّعليم عن التّزكية هاهنا وفي قوله (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً) الآية ووجه تقديمه على التّزكية في قوله (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) الآية من سورة البقرة (وَإِنْ كانُوا) اى انّهم كانوا (مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ظاهر واضح إظهار لمنّه عليهم بنعمة وجود الرّسول (ص) ليتنبّهوا لها ويهتمّوا باتّباع الرّسول (ص) شكرا لنعمة وجوده (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ) قد اختلف الأقوال عند اجتماع همزة الاستفهام واداة العطف وتقديم الهمزة على العاطف فقيل : انّه على التّقديم والتّأخير وانّما قدّمت الهمزة لقوّة صدارته ، وقيل : انّ الهمزة في التّقدير داخلة على محذوف حذف واتّصل الهمزة بالعاطف والتّقدير هاهنا أنكرتم البليّة الّتى وردت عليكم بتقصيركم في أعمالكم ولمّا أصابتكم (مُصِيبَةٌ) يوم أحد بقتل سبعين رجلا منكم (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) في بدر بقتل سبعين وأسر سبعين (قُلْتُمْ أَنَّى هذا) من اين أو كيف هذا (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) باختياركم الفدى عن الأسارى يوم بدر وقد أخبركم الرّسول (ص) انّ الحكم فيهم القتل وما كان لنبىّ ان يكون له اسرى حتّى يثخن في الأرض فأصررتم في الفداء دون القتل حتّى أباح الله لكم الفداء بشرط ان يقتل منكم في العام القابل بعدد من تأخذون منه الفداء فقبلتم ذلك وأخذتم الفداء عن الأسارى السّبعين (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لمّا توهّم من نسبة المصيبة الى أنفسهم انّها خارجة من قدرة الله وصار المقام مقام ان يسأل هل كان المصيبة بقدرة الله أم كانت خارجة من قدرته فقال : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على أصابتكم واصابة عدوّكم وقد يخذلكم لمصالح راجعة الى استكمال نفوسكم (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) يعنى يوم أحد من الهزيمة والقتل والجرح «ف» كان (فَبِإِذْنِ اللهِ) بإباحته التّكوينيّة وترخيصه ليمتحنكم (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) ليتميّز الفريقان بظهور ايمان هؤلاء ونفاق أولئك فيظهر علمه بهما أو ليعلم النّبىّ الّذى هو مظهره فانّ علمه علم الله ولم يقل ليعلم المنافقين للاشعار بانّ نفاق المنافقين حدث عند قتال أحد ولم يكن ثابتا وليناسب المعطوف في قوله تعالى (وَقِيلَ لَهُمْ) عطف على نافقوا وداخل في الصّلة (تَعالَوْا قاتِلُوا) بدل عن تعالوا نحو بدل الاشتمال (فِي سَبِيلِ اللهِ) من دون نظر الى أنفسكم وحفظكم أنفسكم وعيالكم (أَوِ ادْفَعُوا) عن أنفسكم وعيالكم وأموالكم من دون نظر الى امر الله وسبيله (قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) يعنى لو كنّا نعلم انّ ما أنتم فيه قتال لاتّبعناكم وليس بقتال فانّ القتال ما كان فيه احتمال الغلبة ولو في بعض الأحيان وليس الأمر كذلك لانّه