يقتلون الأنبياء بغير حق ، ويعصون ربهم ويعتدون على الناس بغير حق ... وتلك هي النهاية الطبيعية لكل شعب يفقد إيمانه ووعيه للقيم الروحية الكبيرة التي تغمر حياته بالقوة وروحه بالسكينة وتعمر كيانه بالقوة والحياة.
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) ويقال : إنه المن والسلوى ، باعتبار أنه الطعام الذي لا يتغير ولا يتبدل ، مما يعطيه معنى الوحدة حتى مع تعدده ، فنحن نريد التنوّع أو العودة إلى طعامنا الذي اعتدنا عليه بالإضافة إلى ما رزقنا الله من الطعام ، (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها) وهو كل ما اخضرّت به الأرض من البقول والخضروات ، (وَقِثَّائِها) وهو الخيار ، (وَفُومِها) وهو الثوم ، (وَعَدَسِها وَ (١) بَصَلِها) وهما معروفان. (قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى) أقلّ مرتبة في الخصائص والعناصر الشهية مما تطلبونه (بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) وهو المنّ والسلوى ، فلا ترتفعون في مزاجكم الغذائي إلى المستوى الأفضل؟ الأمر الذي قد يوحي بالجمود الذاتي في عاداتكم وتقاليدكم الذي يمتد إلى أفكاركم ، فلا تتحرك نحو التطوّر في اكتشاف الجديد في خصائصه ، أو الجديد لدى الشعوب الأخرى ، الذي قد يتميز عن القديم المألوف للناس ، حتى لو كان الجديد طيبا والقديم خبيثا ، بحيث يتعقّد الإنسان من الطيب ويرفضه لمصلحة الخبيث الذي يطلبه ، ولكن المسألة مهما كانت طبيعتها في ما تطلبون ، فإن هناك فرصة للحصول على ذلك في البلد الذي تتوفر فيه هذه المآكل ، لأن الصحراء التي تتيهون فيها لا توفر لكم ذلك.
(اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) من مشتهياتكم. (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) من خلال خضوعهم للأطماع الذاتية ، التي تبتعد بهم عن القضايا الكبيرة في مواقع التحدي والتمرد على الذات ، الأمر الذي يجعلهم مشدودين إلى الضعف النفسي والسقوط الروحي أمام الآخرين الذين يملكون حاجاتهم ويفرضون عليهم سيطرتهم ، من خلال نقاط الضعف المتحكمة فيهم