المعلومات والأدلة التي تؤكد صدق الرسول في رسالته ، ولكنهم كانوا يخفونها عن الناس لأنهم لا يريدون للإسلام أن يأخذ مكانه الطبيعي كقوة رسالية إلهية في الحياة ، حسدا وبغيا من عند أنفسهم. وهذا الأسلوب هو ما نواجهه تماما في صراعنا مع الكفر والإلحاد ، عند ما ينكرون كثيرا من دلائل الحق التي يعلمونها ، لئلا يكون منه حجة عليهم في ما يقبلونه وفي ما يرفضونه منه.
ولا بد لنا من الإشارة إلى نقطتين لتوضيح معنى الآية :
النقطة الأولى : إن الفرق بين حالة كتمان الحق وحالة تلبسه بالباطل ، هو أن هناك قضايا لا يستطيعون اللعب عليها ، لعدم قابليتها لذلك في مدلولها الفكري والعملي ، فكانوا يلجأون إلى كتمانها عن الناس لئلا يعرفوا وجه الحق فيرتبطوا به ، وهناك قضايا لا تخلو من الغموض والخفاء في تفاصيلها الدقيقة ، فكانوا يلجأون إلى خلطها بالباطل من عند أنفسهم ، ليلبسوا على الناس دينهم ، ويلعبوا من خلال ذلك في ما يريدون من شؤون اللعب بالحق والباطل.
النقطة الثانية : إننا نلاحظ في القرآن أنه يتوجه إلى أهل الكتاب لا إلى الأمّة في قضية كتمان الحق أو تلبيسه بالباطل ، مع أن من المفروض ـ في ما يبدو ـ أن يطلب من الأمّة أن تتعرف وجه الحق وخلوصه من الباطل من خلال قراءة التوراة والتدبر فيها ، ولكن الظاهر أن الناس كانوا لا يملكون سبيلا إلى الاطلاع على التوراة ليطلعوا على ما فيها ، لأنهم كانوا يحتكرونها ويخفونها عن الناس ، ولا يظهرون لهم إلا ما يريدون إظهاره ، كما أنها لم تكن معرّبة حتى يعرف الناس لغتها لو قدروا على الحصول عليها ، فكانت طريقة المعرفة الوحيدة هي طريقة الأخذ من علماء أهل الكتاب ، ولهذا رأينا القرآن الكريم يتجه إليهم ليتحداهم أن يظهروها للناس ليكشف لهم ما فيها من حقائق ، وهذا