من آية عن هذا العهد والميثاق فيما بينه وبين عباده ، ولم يكن الحديث عن العهد مع بني إسرائيل ، إلا لأن القصة تتضمنهم وتسير في اتجاه تاريخهم.
وهناك عهود أخرى ذكرها القرآن في ما أخذه الله عليهم مثل قوله تعالى : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) [البقرة : ٦٣] وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ...) [المائدة : ١٢].
ونستوحي من مفردات هذا الميثاق تأكيدا على ما ذكرناه من أنه ليس هناك عهد خاص بهم ، بل هو العهد الذي أخذه الله على عباده كافة.
(أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) لقد تعهد الله لعباده بأن ييسر لهم سبل الحياة ، ويسخّر لهم ما فيها من نعم وطاقات ، ويدخلهم جنات عدن التي وعد بها عباده المتقين. ونخرج من هذه الفقرة بفكرة حاسمة ، وهي أن الله عند ما وعد عباده بالجنة في الآخرة ، وبالنصر ، والمعونة ، والرعاية ، وبجميع المعاني الكبيرة ، اعتبر ذلك في مقابل عهد عباده له في ميثاقه الذي أخذه عليهم ، بأن ينسجموا مع خط الإيمان والعمل الصالح ، فليس لهم أن يطالبوه بشيء ما لم يقدّموا في مقابل ذلك وفاء بالعهد والميثاق. وينبغي أن نلاحظ في هذا المجال ، أن العباد لا يستحقون على الله شيئا ـ أيّ شيء ـ لأنهم مخلوقون مملوكون له ، ولكنهم استحقوا ذلك بوعده ولطفه ورحمته ، فهو استحقاق بالوعد والتفضل له بالذات.
(وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) فإذا كنتم تخافون وتنحرفون عن الخط خوفا من الناس ، ورهبة من فقدانكم لامتيازاتكم في ما تحصلون عليه من مال وشهوة ونفوذ ، فاعلموا أن أحدا لا يستطيع أن يضركم إلا بإذن الله ، فلتكن الرهبة له في قضايا الدنيا والآخرة ، لأنه هو مالك الدنيا والآخرة جميعا ، فهو وحده