ويعتبر (١) في وقوع الفعل من ذلك الحمل اقترانه بوعيد منه (٢) مظنون الترتب على ترك ذلك الفعل ، مضرّ بحال الفاعل أو متعلقة نفسا أو عرضا أو مالا.
فظهر (٣) من ذلك أنّ مجرّد الفعل لدفع الضرر المترتب على تركه لا يدخله (٤) في المكره عليه. كيف (٥)؟ والأفعال الصادرة من العقلاء كلّها أو جلّها
______________________________________________________
هو الباعث له نحو الفعل المكره عليه ، لا طيب نفسه به.
وقد ظهر من هذا اعتبار كون نفس الفعل مكرها عليه كالبيع في المثال. وأما إذا أكرهه على دفع مال خطير ، وتوقّف تحصيله على بيع داره فباعها ، لم يكن ذلك إكراها على البيع ، لكون مطلوب المكره نفس المال لا مقدمته وهو البيع. نعم يضطرّ المكره إلى البيع لتسديد حاجته ، ولكنه أمر آخر ، وسيأتي توضيح الفرق بين الإكراه والاضطرار.
(١) هذه الجملة إلى قوله : «أو مالا» جامعة للأمور المتقدمة ، فقوله : «اقترانه بوعيد منه» إشارة إلى الأمر الأوّل ، وقوله : «مظنون الترتب ، إشارة إلى الأمر الثالث. وقوله : «مضرّ بحال الفاعل» إشارة إلى الأمر الثاني.
(٢) الإتيان بكلمة «منه» لأجل إخراج موارد عن حدّ الإكراه نذكر بعضها :
الأوّل : ما إذا طلب المكره شيئا من المكره ، وأخافه من آفة سماوية لو خالف ، بأن قال له : «بعني هذه الدار وإلّا نزلت بك صاعقة أو زلزال مثلا» فإنّ هذا الوعيد لمّا لم يكن من شأن المكره لم يصدق على هذا التهديد حدّ الإكراه.
الثاني : ما إذا كان الضرر المتوعد به فعل شخص آخر غير المكره ، ولكن ذلك الغير لم يحمّل شيئا على المكره ولم يوعّده بضرر.
(٣) هذا متفرع على اعتبار الأمور الثلاثة المتقدمة في تعريف الإكراه ، بضميمة إتيانه بنفس ما أكرهه عليه لا بمقدمته.
(٤) بل يدخله في المضطرّ إليه.
(٥) يعني : كيف يدخله في المكره عليه؟ والحال أنّ الأفعال العقلائية كلّها