واشتراط القصد بهذا المعنى (١) في صحة العقد ـ بل في تحقق مفهومه (٢) ـ مما (٣) لا خلاف فيه ولا إشكال.
______________________________________________________
وأمّا الإرادة الجدّية فهي أمر آخر وراء شرائط الصيغة ، فإنّ الاستعمال ـ سواء أكان إفناء اللفظ في المعنى أم غيره ـ يتحقق بمجرّد استعمال «بعت» في حصّة خاصة من طبيعي التمليك وهي «مبادلة عين بمال» مثلا. ولكن هذا المقدار غير كاف في تحقق البيع بالحمل الشائع ، وذلك لأنّ هذا الاستعمال يمكن أن يكون بداعي الجدّ ، فيتسبب به الى التمليك الاعتباري ، ويمكن أن يكون بدواع أخر كالهزل والمزاح. ومن المعلوم أن البيع متقوّم بقصد تحقق المبادلة في إضافة الملكية ، وهذا القصد لا بد من تحققه من المتعاقدين في مقام الإنشاء ، وهو أمر زائد على الإرادة الاستعمالية القائمة بالصيغة. ولذا يعتبر القصد الجدي في غير العقد اللفظي أيضا ـ كما عرفت ـ كالمعاطاة العارية عن الصيغة وشؤونها ، ولكن شرائط الصيغة مختصة بالعقد اللفظي.
وبهذا ظهر الفرق بين الإرادتين الاستعمالية والجدية ، وأنّ الاولى من شؤون الصيغة ، دون الثانية التي هي من شرائط المتعاقدين ، كما جعلوها منها.
إذا اتّضح هذان الأمران قلنا : إنّ المصنف قدسسره تعرّض في هذه المسألة لشرطية القصد الجدّي ، ثم عطف عنان البحث إلى كلام المحقق التستري في المقابس ، وسيأتي.
(١) أي : بمعنى القصد الجدّي لمدلول العقد الذي يتلفظان به.
(٢) أي : في تحقق مفهوم العقد ، والوجه في الإضراب ـ عن الاشتراط في الصحة وترتيب الأثر شرعا ـ إلى الدخل في المفهوم العرفي هو : أن «الشرط» إنّما يطلق على الأمر الخارج عن حقيقة المشروط كالصيغة الخاصة لو قيل باعتبارها شرعا ، ولا يطلق الشرط على ما يقوّم المفهوم والعنوان عرفا ، ومن المعلوم أنّ القصد الجدّي لمدلول العقد دخيل في حقيقته ، لتبعية العقود للقصود ، وعليه فالتعبير بالشرط مبني على المسامحة.
(٣) خبر قوله : «واشتراط القصد» يعني : أنّ هذا الشرط من مسلّمات الفقه.