ثم إنّه ربما يقال (١) : بعدم تحقق القصد في عقد الفضولي والمكره ، كما صرّح به في المسالك ، حيث قال : «إنّهما قاصدان إلى اللفظ دون مدلوله» (١).
______________________________________________________
(١) غرضه أن الشهيد الثاني قدسسره جعل الإشكال ـ في صحة عقد الفضولي والمكره ـ عدم القصد إلى مدلول العقد ، أي انتفاء إرادة المدلول جدّا. وذلك أمّا في الفضولي فلعدم تمشّي قصد النقل والانتقال منه ، لعلمه بعدم ملكه لأحد العوضين ، وعدم تأثير عقد غير المالك ، فيمتنع أن يقصد التمليك والمبادلة ، بل يكون تلفظه بالصيغة لقلقة لسان ، كإنشاء الهازل.
وأمّا في المكره فلأنّ الباعث له على الإنشاء توعيد المكره والخوف من التضرّر ، فيلتجئ المكره إلى الإنشاء تخلّصا من عقوبة المكره فهو وإن كان مالكا ، لكن لا يريد المعاملة. وهذا معنى انتفاء القصد إلى مدلول العقد فيه.
هذا وجه ما ذكره الشهيد الثاني قدسسره. وفصّل صاحب الجواهر (٢) ـ في بعض كلامه ـ بين الفضولي والمكره ، فذهب إلى انتفاء القصد في المكره ـ لو لا الإجماع على صحة عقده المتعقب بالرضا ـ وتحققه في الفضولي ، فراجع.
وكيف كان فناقش المصنف قدسسره في كلام المسالك بتحقق القصد الجدّي في كليهما ، أمّا في الفضول فبأنّ كونه أجنبيّا عن المال لا يمنع تمشّي القصد الجدّي إلى مدلول العقد ، بأن يكون إنشاؤه جزء المؤثّر ، ويتوقّف تمام تأثيره على لحوق إجازة المالك ، هذا بحسب الثبوت ، وأمّا بحسب الإثبات فسيأتي في بحث بيع الفضول إن شاء الله تعالى وفاء الأدلة بصحة عقد الفضول تأهّلا ، وعدم سقوطه عن التأثير رأسا.
وأمّا في المكره فلأنّه قاصد جدّا لمدلول العقد ، والمنتفي في حقّه هو الأمر الرابع أعني به طيب النفس بما ينشئه ، ومن المعلوم أنّ الرّضا بمضمون العقد من عوارض النفس وحالاتها. وهو أجنبي عن القصود الثلاثة المتقدمة.
__________________
(١) مسالك الافهام ، ج ٣ ، ص ١٥٦.
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٦٧.