.................................................................................................
______________________________________________________
الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى من لا يعمل منهم بالخبر الواحد العاري عن قرينة القطع كابن إدريس ، فقال في باب الوصية : «وأيضا قوله عليهالسلام : رفع القلم عن ثلاث ، عن الصبي حتى يحتلم» (١). وقال في الحدود : «لقوله عليهالسلام المجمع عليه رفع القلم عن ثلاثة» (٢). وهذا المقدار كاف في حصول الوثوق بالصدور لو لم يوجب القطع به.
وأمّا المقام الثاني ـ وهو في الدلالة ـ فنقول : إنّ القلم المرفوع محتمل لأمرين قد شملت كلّا منهما عناية الجعل.
أحدهما : قلم التكليف ، سواء أكانت إلزامية أم غير إلزامية ، بل قلم مطلق الأحكام حتى الوضعية بناء على تأصلها في الجعل. وأمّا بناء على الانتزاع يختصّ بالمجعول وهو التكليف. وهذا القلم مساوق لمثل قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (٣) و (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (٤) فالحكم المتعلق بفعل المكلف قلم مجعول شرعا في حقّه.
ثانيهما : قلم المؤاخذة ، وهو قلم كتابة السيئات المترتب على عصيان الخطاب الإلزامي المنجّز ، في قبال قلم الحسنات والمثوبات المترتّبة على فعل الطاعات. ولا فرق في كتابة المؤاخذة والعقوبة شرعا بين كونها دنيوية أعم من كونها بدنيّة في النفس والطرف كالحدود والقصاص والتعزيرات أم مالية كالديات ، وبين كونها أخروية وهو كلّ ما توعّد به تعالى العصاة في تلك النشأة. وهذا القلم أي : المؤاخذة الفعلية ـ الّتي هي فعل الشارع أيضا ـ قابل لكلّ من الوضع والرفع التشريعيّين ولو باعتبار منشئهما ، وهو الحكم الإلزامي ونحوه.
إذا اتضح إطلاق «القلم» على كلّ من التكليف وما يلحقه من العقوبة ، فيقال في تقريب استدلال المشهور بحديث «رفع القلم» : إنّ المراد بالقلم المرفوع هو كافة
__________________
(١) السرائر ، ج ٣ ، ص ٢٠٧.
(٢) السرائر ، ج ٣ ، ص ٣٢٤.
(٣) البقرة ، الآية ١٨٣.
(٤) الأحزاب ، الآية ٥٠.