أحدهما : أنّها باء المصاحبة بمعنى مصاحبا لبدنك ، وهي الدّرع ، فيكون «ببدنك» في موضع الحال.
قال المفسّرون : لم يصدّقوا بغرقه ، وكانت له درع تعرف فألقي بنجوة من الأرض ، وعليه درعه ليعرفوه ، والعرب تطلق البدن على الدّرع ، قال عمرو بن معديكرب : [الوافر]
٢٩٣٥ ـ أعاذل شكّتي بدني وسيفي |
|
وكلّ مقلّص سلس القياد (١) |
وقال آخر : [الوافر]
٢٩٣٦ ـ ترى الأبدان فيها مسبغات |
|
على الأبطال واليلب الحصينا (٢) |
أراد بالأبدان : الدّروع ، واليلب : الدروع اليمانية كانت تتخذ من الجلود يخرز بعضها إلى بعض ، وهو اسم جنس ، الواحد : يلبة.
وقيل : ببدنك أي : عريان لا شيء عليه ، وقيل : بدنا بلا روح.
والثاني : أن تكون سببيّة على سبيل المجاز ؛ لأنّ بدنه سبب في تنجيته ، وذلك على (٣) قراءة ابن مسعود وابن السّميفع «بندائك» من النّداء ، وهو الدّعاء : أي : بما نادى به في قومه من كفرانه في قوله : (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) [الزخرف : ٥١] (فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) [النازعات : ٢٣ ، ٢٤] (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) [القصص : ٣٨]. وقرأ يعقوب (٤) «ننجيك» مخففا من أنجاه. وقرأ أبو (٥) حنيفة : «بأبدانك» جمعا : إمّا على إرادة الأدراع ، لأنّه كان يلبس كثيرا منها خوفا على نفسه ، أو جعل كلّ جزء من بدنه بدنا كقوله : «شابت مفارقه» ؛ قال : [الكامل]
٢٩٣٧ ـ ......... |
|
شاب المفارق واكتسين قتيرا (٦) |
وقرأ ابن مسعود ، وابن (٧) السّميفع ، ويزيد البربريّ ننحّيك بالحاء المهملة من وقرأ ابن مسعود ، وابن (٧) السّميفع ، ويزيد البربريّ ننحّيك بالحاء المهملة من
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه (٦٠) والبحر المحيط ٥ / ١٨٨ والكشاف ٢ / ٣٦٩ والدر المصون ٤ / ٦٧.
(٢) البيت لكعب بن مالك. ورواية الديوان :
ترانا من فضافض سابغات |
|
كغدران الملا متسربلينا |
ينظر : ديوانه (٢٧٩) والبحر المحيط ٥ / ١٨٨ والقرطبي ٨ / ٢٤٣ وفتح القدير ٢ / ٤٧٠ والدر المصون ٤ / ٦٧.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٤٢ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٩ ، الدر المصون ٤ / ٦٧.
(٤) ينظر : السابق.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٦٩ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٤٢ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٩ ، الدر المصون ٤ / ٦٧.
(٦) عجز بيت لجرير وصدره :
قال العواذل ما لجهلك بعدها
ينظر : ديوانه ٢٨٩ والكتاب ٣ / ٤٨٣ والدر المصون ٤ / ٦٨.
(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٦٩ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٤٢ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٩ ، الدر المصون ٤ / ٦٧.