٢٨٥٧ ـ فقلت لهم : ظنّوا بألفي مدجّج |
|
سراتهم في الفارسيّ المسرّد (١) |
وقوله (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة : ٤١] ؛ لأنّه تعالى ذكر هذا الوصف في معرض المدح والثناء ، ولا يكون ذلك إلا مع علمهم. وقيل : هو على بابه ؛ لأنّه عليه الصلاة والسّلام وقف أمرهم على الوحي ، فهم لم يقطعوا بأنّ الله ينزل في شأنهم قرآنا ، بل كانوا مجوّزين لذلك ، أو كانوا قاطعين بأنّ الله ينزل الوحي ببراءتهم ، ولكنهم جوّزوا أن تطول المدّة في بقائهم في الشّدّة ، فالظّن عاد إلى تجويز كون تلك المدة قصيرة.
قوله : (أَنْ لا مَلْجَأَ) «أن» هي المخففة سادّة مسدّ المفعولين ، و «لا» وما في حيّزها الخبر ، و (مِنَ اللهِ) خبرها ، ولا يجوز أن تتعلق ب «ملجأ» ، ويكون (إِلَّا إِلَيْهِ) الخبر لأنه كان يلزم إعرابه ؛ لأنّه يكون مطوّلا.
وقد قال : بعضهم : إنّه يجوز تشبيه الاسم المطوّل بالمضاف فينتزع ما فيه من تنوين ونون ، كقوله : [الطويل]
٢٨٥٨ ـ أراني ولا كفران لله أيّة |
|
......... (٢) |
وقوله عليه الصلاة والسّلام : «لا صمت يوم إلى اللّيل» (٣) برفع «يوم» وقد تقدم ذلك [الأنفال ٤٨].
قوله : (إِلَّا إِلَيْهِ) استثناء من ذلك العامّ المحذوف ، أي : لا ملجأ لأحد إلّا إليه كقولك : «لا إله إلّا الله».
فصل
هؤلاء الثلاثة هم المذكورون في قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).
واختلفوا في السبب الذي لأجله وصفوا بكونهم مخلفين فقيل : ليس المراد أنهم أمروا بالتّخلف ، أو حصل الرّضا من الرّسول بذلك ، بل هو كقولك لصاحبك أين خلفت فلانا؟ فيقول : بموضع كذا ، لا يريد به أنّه أمره بالتخلّف ، بل لعلّه قد نهاه عنه ، وإنّما يريد أنّه تخلّف عنه.
وقيل : لا يمتنع أن هؤلاء الثلاثة كان عزمهم الذهاب إلى الغزو ؛ فأذن لهم الرّسول
__________________
(١) تقدم.
(٢) صدر بيت لكثير عزة وعجزه :
لنفس لقد طالبت غير منيل
وهو في ديوانه (٥٠٨) وروايته هكذا :
أراني ولا كفران لله إنما |
|
أواخي من الأقوام كل بخيل |
ينظر : الخصائص ١ / ٣٣٧ والمغني ٢ / ٣٩٤ واللسان (أوأ) والدر المصون ٣ / ٥١١.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١١٤٥٠ ، ١٣٨٩٩) والبيهقي (٦ / ٥٧ ـ ٧ / ٤٦١) والطحاوي (١ / ٢٨٠).