والثاني : أنّه متعلق بمحذوف أي : تجري ملتبسة بهم ، ولذلك فسّره الزمخشريّ بقوله : «أي : تجري وهم فيها».
وقوله : «كالجبال» صفة ل «موج».
فصل
قال ابن جرير ، وغيره : إنّ الطّوفان كان في ثالث عشر شهر آب في عادة القبط ، وإنّ الماء ارتفع على أعلى جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا ، وهو الذي عند أهل الكتاب ، وقيل : ثمانين ذراعا وعمّ جميع الأرض طولا وعرضا.
والموج جمع «موجة» والموج : ما ارتفع من الماء إذا اشتدّ عليه الريح. وهذا يدلّ على أنّه حصل في ذلك الوقت رياح عاصفة.
فإن قيل : الجريان في الموج يوجب الغرق.
فالجواب : أنّ الأمواج لمّا أحاطت بالسّفينة من جوانبها أشبهت تلك السّفينة كأنّها جرت في داخل الأمواج.
قوله تعالى : (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) الجمهور على كسر تنوين «نوح» لالتقاء الساكنين.
وقرأ (١) وكيع بضمّه إتباعا لحركة الإعراب ، واسترذل أبو حاتم هذه القراءة ، وقال : «هي لغة سوء لا تعرف».
وقرأ العامّة : «ابنه» بوصل هاء الكناية بواو ، وهي اللغة الفصيحة الفاشية.
وقرأ ابن عباس (٢) بسكون الهاء. قال بعضهم : هذا مخصوص بالضّرورة ؛ وأنشد : [البسيط]
٢٩٧١ ـ وأشرب الماء ما بي نحوه عطش |
|
إلّا لأنّ عيونه سيل واديها (٣) |
وبعضهم لا يخصّه بها ، وقال ابن عطية : إنّا لغة لأزد السّراة ؛ ومنه قوله : [الطويل]
٢٩٧٢ ـ ......... |
|
ومطواي مشتاقان له أرقان (٤) |
وقال بعضهم : «هي لغة عقيل ، وبني كلاب».
وقرأ السدي (٥) : «ابناه» بألف وهاء السكت ، قال ابن جنّي : «وهو على النّداء».
وقال أبو البقاء (٦) : «ابناه» على الترثّي وليس بندبة ؛ لأنّ النّدبة لا تكون بالهمزة.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٧٤ والبحر المحيط ٥ / ٢٢٦ والدر المصون ٤ / ١٠٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٧٣ والبحر المحيط ٥ / ٢٢٦ والدر المصون ٤ / ١٠٠.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٩٦ ، والمحرر الوجيز ٣ / ١٧٣ ، والبحر المحيط ٥ / ٢٢٦ ، والدر المصون ٤ / ١٠٠.
(٦) ينظر : الإملاء ٢ / ٣٩.