والثاني : أنّه في محلّ نصب على الحال ، و «قد» مقدّرة في قول. وتقدّم الكلام في : الخوالف». (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) قوله : (وَطَبَعَ) نسق على «رضوا» تنبيها على أنّ السّبب في تخلّفهم رضاهم بقعودهم ، وطبع الله على قلوبهم ، وقوله : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى) فأتى ب «على» ، وإن كان قد يصل ب «إلى» ؛ لأنّ «على» تدلّ على الاستعلاء ، وقلة منعة من تدخل عليه ، نحو : لي سبيل عليك ، ولا سبيل لي عليك ، بخلاف «إلى» فإذا قلت : لا سبيل عليك ، فهو مغاير لقولك : لا سبيل إليك ، ومن مجيء «إلى» معه قوله : [الطويل]
٢٨٣٣ ـ ألا ليت شعري هل إلى أمّ سالم |
|
سبيل؟ فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا (١) |
وقول الآخر : [البسيط]
٢٨٣٤ ـ هل من سبيل إلى خمر فأشربها |
|
أم من سبيل إلى نصر بن حجّاج (٢) |
قوله تعالى : (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ).
روي أنّ المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك كانوا بضعة وثمانين نفرا ، فلمّا رجع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم جاءوا يعتذرون بالباطل ، فقال الله (قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) لم نصدقكم.
قوله : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ) فيه وجهان :
أحدهما : أنّها المتعدّية إلى مفعولين.
أولهما : «نا» ، والثاني : (مِنْ أَخْبارِكُمْ) ، وعلى هذا ففي «من» وجهان :
أحدهما : أنّها غير زائدة ، والتقدير : قد نبّأنا الله أخبارا من أخباركم ، أو جملة من أخباركم ، فهو في الحقيقة صفة للمفعول المحذوف.
والثاني : أنّ «من» مزيدة عند الأخفش ؛ لأنّه لا يشترط فيها شيئا ، والتقدير : قد نبّأنا الله أخباركم.
الوجه الثاني ـ من الوجهين الأولين ـ : أنّها متعدية لثلاثة ، ك «أعلم» ، فالأول ، والثاني ما تقدّم ، والثالث محذوف اختصارا للعلم به ، والتقدير : نبّأنا الله من أخباركم كذبا ، ونحوه. قال أبو البقاء (٣) : «قد يتعدّى إلى ثلاثة ، والاثنان الآخران محذوفان تقديره : أخبارا من أخباركم مثبتة. و (مِنْ أَخْبارِكُمْ) تنبيه على المحذوف وليست «من» زائدة ، إذ لو كانت زائدة ، لكانت مفعولا ثانيا ، والمفعول الثالث محذوف ، وهو خطأ ، لأنّ المفعول الثاني متى ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث».
وقيل : «من» بمعنى «عن». قال شهاب الدّين «قوله : إنّ حذف الثالث خطأ» إن
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت لفريعة بنت همام ينظر شرح المفصل لابن يعيش (٧ / ٢٧) ، البحر ٥ / ٩٢ الخزانة ٤ / ٨٠ ، ٨٨ حاشية الشهاب ٤ / ٣٥٥ ، الدر المصون ٣ / ٤٩٤ ، ولسان العرب (منى) ، سر صناعة الإعراب ص ٢٧١.
(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٠.