وثانيها : قوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ،) والمراد منه : التخلص من العقاب.
وثالثها : قوله : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) يحتمل أن تكون هذه الجنات كالتّفسير للخيرات والفلاح ، ويحتمل أن تحمل الجنات على ثواب الآخرة ، والفلاح على منافع الدّنيا ، كالغزو ، والثروة ، والقدرة ، والغلبة ، و (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) عبارة عن كون تلك الحالة مرتبة رفيعه ، ودرجة عالية.
قوله تعالى : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) الآية.
لمّا شرح أحوال المنافقين الذين كانوا في المدينة ، شرح في هذه الآية أحوال المنافقين من الأعراب.
قرأ الجمهور «المعذّرون» بفتح العين وتشديد الذّال ، وهي تحتمل وجهين :
أن يكون وزنه «فعّل» مضعّفا ، ومعنى التّضعيف فيه التكليف ، والمعنى : أنه توهّم أنّ له عذرا ، ولا عذر له.
والثاني : أن يكون وزنه «افتعل» ، والأصل : «اعتذر» ، فأدغمت التاء في الذال بأن قلبت تاء الافتعال ذالا ، ونقلت حركتها إلى السّاكن قبلها ، وهو العين ، ويدلّ على هذا قراءة سعيد بن جبير «المعتذرون» على الأصل ، وإليه ذهب الأخفش ، والفرّاء وأبو عبيد ، وأبو حاتم ، والزّجّاج ، وابن الأنباري ، والاعتذار قد يكون بالكذب ، كما في قوله (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) [التوبة : ٩٤] ، وكان ذلك الاعتذار فاسدا ، لقوله : (لا تَعْتَذِرُوا) ، وقد يكون بالصّدق ، كقول لبيد : [الطويل]
٢٨٢٨ ـ ......... |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر (١) |
يريد : فقد جاء بعذر.
وقرأ زيد بن عليّ (٢) ، والضحاك ، والأعرج ، وأبو صالح ، وعيسى بن هلال ، وهي قراءة ابن عباس ومجاهد أيضا ، ويعقوب ، والكسائي «المعذرون» بسكون العين وكسر الذّال مخففة من أعذر ، يعذر ك «أكرم ، يكرم» ، وهم المبالغون في العذر.
وقرأ مسلمة (٣) «المعّذّرون» بتشديد العين والذال ، من «تعذّر» بمعنى اعتذر.
__________________
(١) ينظر : ديوانه ص (٢١٤) ، الأشباه والنظائر ٧ / ٩٦ ، الأغاني ١٣ / ٤٠ ، بغية الوعاة ١ / ٤٢٩ خزانة الأدب ٤ / ٣٣٧ ، ٣٤٠ ، ٣٤٢ ، الخصائص ٣ / ٢٩ ، الدرر ٥ / ١٥ ، شرح المفصل ٣ / ١٤ ، العقد الفريد ٢ / ٧٨ ، ٣ / ٥٧ ، المقاصد النحوية ٣ / ٣٧٥ ، المنصف ٣ / ١٣٥ أمالي الزجاجي ص ٦٣ ، شرح الأشموني ٢ / ٣٠٧ ، شرح عمدة الحافظ ص (٥٠٧) ، المقرب ١ / ٢١٣ ، همع الهوامع ٢ / ٤٩ ، ١٥٨ ، اللسان (غدر).
(٢) ينظر : حجة القراءات ص (٣٢١) ، إتحاف ٢ / ٩٦ ، الكشاف ٢ / ٣٠٠ ، المحرر الوجيز ٣ / ٦٩ ، البحر المحيط ٥ / ٨٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٩٠.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٠٠ ، المحرر الوجيز ٣ / ٦٩ ، البحر المحيط ٥ / ٨٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٩٠.