في محلّ جرّ ، وقال الزمخشري : ويتعلّق «أن تبرّوا» بالفعل أو بالعرضة ، أي : «ولا تجعلوا الله لأجل أيمانكم عرضة لأن تبرّوا». قال أبو حيان : وهذا التقدير لا يصحّ للفصل بين العامل ومعموله بأجنبيّ ، وذلك أنّ «لأيمانكم» عنده متعلق ب «تجعلوا» ، فوقع فاصلا بين «عرضة» التي هي العامل وبين «أن تبرّوا» الذي هو معموله وهو أجنبيّ منهما ، ونظير ما أجازه أن تقول : «امرر واضرب بزيد هندا» ، وهو غير جائز ، ونصّوا على أنه لا يجوز : «جاءني رجل ذو فرس راكب أبلق» أي رجل ذو فرس أبلق راكب لما فيه من الفصل بالأجنبيّ.
الرابع : أنها في محلّ جرّ ؛ عطف بيان ل «أيمانكم» ، أي : للأمور المحلوف عليها التي هي البرّ والتقوى والإصلاح كما في الحديث. قال أبو حيان : «وهو ضعيف لما فيه من جعل الأيمان بمعنى المحلوف عليه» ، والظاهر أنها هي الأقسام التي يقسم بها ، ولا حاجة إلى تأويلها بما ذكر من كونها بمعنى المحلوف عليه ؛ إذ لم تدع إليه ضرورة ، وهذا بخلاف الحديث ، وهو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها» (١) فإنه لا بد من تأويله فيه بالمحلوف عليه ، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك في الآية الكريمة.
الخامس : أن تكون في محلّ جرّ على البدل من «لأيمانكم» ؛ بالتأويل الذي ذكره الزمخشريّ ، وهذا أولى من وجه عطف البيان ؛ فإنّ عطف البيان أكثر ما يكون في الأعلام.
السادس ـ وهو الظاهر ـ : أنّها على إسقاط حرف الجر ، لا على ذلك الوجه المتقدّم ، بل الحرف غير الحرف ، والمتعلّق غير المتعلّق ، والتقدير : «لإقسامكم على أن تبرّوا» ف «على» متعلق بإقسامكم ، والمعنى : ولا تجعلوا الله معرّضا ومتبدّلا لإقسامكم على البرّ والتقوى والإصلاح الّتي هي أوصاف جميلة ؛ خوفا من الحنث ، فكيف بالإقسام على ما ليس فيه برّ ولا تقوى!!!
والعرضة في اشتقاقها ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها «فعلة» بمعنى «مفعول» ؛ من العرض ؛ كالقطبة والغرفة ، ومعنى الآية على هذا : لا تجعلوه معرّضا للحلف من قولهم : فلان عرضة لكذا ، أي : معرّض ، قال كعب(٢): [البسيط]
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٤٨.
(٢) أخرجه مسلم (٥ / ٨٥) ومالك في «الموطأ» (٢ / ٤٧٨) والترمذي (١ / ٢٨٩) وأحمد (٢ / ٣٦١) من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وأخرجه مسلم (٥ / ٨٦) والبيهقي (١٠ / ٣١) عن أبي حازم عن أبي هريرة وأخرجه البخاري (٤ / ٢٥٨ ، ٢٨٠) ومسلم (٥ / ٨٢) وأبو داود (٣٢٧٦) والنسائي (٢ / ١٤٠ ـ ١٤١) وابن ماجه (٢١٠٧) والبيهقي (١٠ / ٣٢) والطيالسي (٥٠٠) وأحمد (٤ / ٣٩٨) من طريق أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا وأخرجه ـ