فطلقني فبت طلاقي ، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير ، وإنّما معه مثل هدبة الثوب ، وإنه طلّقني قبل أن يمسّني ؛ أفأرجع إلى ابن عمّي؟ فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا ؛ حتّى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك» والمراد ب «العسيلة» : الجماع ، فروي أنها لبثت ما شاء الله ، ثم رجعت إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالت : إن زوجي قد مسّني ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كذبت في قولك الأوّل ، فلن أصدّقك في الآخر» ، فلبثت حتى قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتت أبا بكر ، فقالت : يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرجع إلى زوجي الأول ؛ فإن زوجي الآخر قد مسني؟ فقال لها أبو بكر : قد شهدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين أتيته ، وقال لك ما قال ؛ فلا ترجعي إليه ، فلما قبض أبو بكر ، أتت عمر ، وقالت له مثل ذلك ، فقال : «لئن رجعت إليه لأرجمنّك» (١).
ولأن المقصود من توقيف الحل على اشتراط الوطء هو زجر الزوج ، وإنّما يحصل بتوقيف الحل على اشتراط الوطء ، فأما مجرد العقد ، فليس فيه نفرة ، فلا يصلح جعله زاجرا.
فصل
قال بعض العلماء : إذا طلق زوجته ، واحدة أو اثنتين ثم نكحت زوجا آخر ، فأصابها ، ثم عادت إلى الأول بنكاح جديد ، عادت على ما بقي من طلاقها.
وقال أبو حنيفة : بل يملك عليها ثلاثا ، كما لو نكحت زوجا بعد الثلاث.
فصل هل يلحق المختلفة الطلاق
قال القرطبيّ (٢) : استدلّ بعض الحنفية بهذه الآية ، على أنّ المختلعة يلحقها الطلاق ؛ لأنّ الله شرع صريح الطلاق بعد المفاداة ، لأن «الفاء» حرف تعقيب ، فيبعد أن يرجع إلى قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ؛ لأنّ الأقرب عوده إلى ما يليه ، كالاستثناء.
فصل
لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم المحلّل والمحلّل له (٣).
__________________
(١) أخرجه بهذا اللفظ ابن المنذر كما في «الدر المنثور» (١ / ٥٠٥) وأخرجه باختصار البخاري (٣ / ٣٣٣) كتاب الشهادات باب شهادة المختبئ رقم (٢٦٣٩) ومسلم (١ / ٤٠٧) وأحمد (٦ / ٢٢٩) والنسائي (٢ / ٨٠) والترمذي (١ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩) وابن ماجه (١٩٣٢) والدارمي (٢ / ١٦١ ـ ١٦٢) والطيالسي (١٤٣٧ و ١٤٧٣).
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٩٧.
(٣) ورد من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وعلي بن أبي طالب وجابر وابن عباس وعقبة بن عامر.
حديث عبد الله بن مسعود : أخرجه النسائي (٢ / ٩٨) والترمذي (١ / ٢٠٩) والدارمي (٢ / ١٥٨) وابن أبي شيبة (٧ / ٤٤ ـ ٤٥) والبيهقي (٧ / ٢٠٨) وأحمد (١ / ٤٤٨). وقال الترمذي : حديث حسن صحيح. وأورده الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٣ / ١٧٠) وقال : من طرق عن نافع عن ابن عمر. وصححه ابن ـ