(لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) نعمة الأمن وهويّ الافئدة ورزق الثمرات ، «يشكرون» في ذلك البلد الآمن وسواه ، وقد نرى في ذلك التعبير العبير رفرفة ورقة تصوّر القلوب رفافة مجنحة ، وهي تهوي الى البلد الآمن واهله حيث تهواه ، في ذلك الوادي الجدب اليابس ، حيث يندّى برقة القلوب ورفرفتها.
(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ)(٣٨).
هنا «ما نخفي» يعني عن أمثالنا ، (وَما نُعْلِنُ) لأمثالنا ، فكل ذلك لك علن ، وبصيغة سائغة عامة (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ) دون «شيء» إذ قد يعلم شيء ويخفى منه شيء ، ف «من شيء» يستأصل في هذا السلب «ما يخفى» كل شيء بكل شيئه وكافة جوانبه ونواهيه في اي زمان او مكان وأيا كان (وَما يَخْفى ... فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ولأن الأرض والسماء هما عبارة اخرى عن الكون كله ، فذلك حيطة مستغرقة للكون كله.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ)(٣٩).
(إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) في البداية كانت في طفولة إسماعيل (عليه السلام) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ ..) هي في رجولته وقد رزق بعده إسحاق ، فبين الدعائين بون بين الطفولة والرجولة ، وكما بين (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) و (إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ ..) وكذلك البون ـ علّه ـ بين (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) انه حين اسكن من ذريته فيه ،
__________________
ـ الى ـ شتائية ، من كلام الراوي فان الامام لا يحتاج في أمثال هذه الأمور البسيطة الى النقل وهو يشهد الحرمين سنويا اكثر من غيره.