إليهم ، فليست قفزة كالسيل الجارف تجرف بكل عدّاتها كافة عدّاتها في اوّل بزوغها ، فانها جيئة فجيعة تضم غروبها حين طلوعها حيث لا تتحملها المدعون بها.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (٩٩).
ضيق صدر لأشرح العالمين صدرا ، لله وفي الله ، لا عن الله ، وانما عما يرى من الكفر بالله والهزء والتكذيب بآيات الله : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٦ : ٣٣).
ف (لا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) و (بِما يَقُولُونَ) ولينشرح صدرك عن هذا الضيق بعد انشراحه بروح الله (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (وَاعْبُدْ رَبَّكَ.).
هذه زوايا ثلاث من الاتجاه الى الله ، تشكّل الحياة النفسية الرسالية لاوّل العابدين ، وعلى حد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما اوحي الي ان اجمع المال وأكون من التاجرين ولكن اوحي الي ان سبح بحمد ربك وكن من الساجدين. واعبد ربك حتى يأتيك اليقين» (١) فقد «صبر (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فانزل الله (وَلَقَدْ
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٠٩ ـ اخرج هذا المعنى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جماعة منهم سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمي عن أبي مسلم الخولاني قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : .. وعن ابن مسعود وأبي الدرداء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مثله.