٨٢ ـ نتج الرّبيع محاسنا |
|
ألقحنها غرّ السّحائب |
٨٢ ـ هذا بيت من الكامل من كلام أبي فراس الحمداني ، ابن عم سيف الدولة الحمداني ، وأبو فراس هو صاحب الشاهد (رقم ٦) السابق شرحه في أول الكتاب ، وقبل هذا البيت قوله :
يا أيّها الملك الّذي |
|
أضحت له جمل المناقب |
نتج الرّبيع محاسنا |
|
ألقحنها ... البيت ، |
وبعده :
راقت ورقّ نسيمها |
|
فحكت لنا صور الحبائب |
حضر الشّراب فلم يطب |
|
شرب الشّراب وأنت غائب |
وأبو فراس الحمداني صاحب هذا الشاهد ممن لا يحتج بشعره على قواعد اللغة ومفرداتها : لأنه مولد ، ولعل المؤلف إنما أراد التمثيل بهذا البيت ، ولم يرد الاحتجاج به ، وفرق بين الاحتجاج والتمثيل ، وقد أنشد المؤلف بيت الشاهد في أوضح المسالك (رقم ٣٠٨).
اللّغة : «نتج» هو ههنا فعل مبني للمعلوم ، وفي كلام العرب فعل من هذه المادة ملازم البناء للمجهول ، تقول : نتج القوم الناقة ـ بالبناء للمعلوم ـ وتقول : نتجت الناقة ـ بالبناء للمجهول لا غير ـ فإذا أردت معنى استولد جئت بالفعل مبنيا للمعلوم ، وإذا أردت معنى ولد جئت بالفعل مبنيا للمجهول وأسندته إلى الناقة وشبهها ، ومن الأول قول الشاعر ، وينسب إلى قيس بن حصين بن زيد الحارثي :
أكلّ عام نعم تحوونه |
|
يلقحه قوم وتنتجونه |
الإعراب : «نتج» فعل ماض مبني للمعلوم ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، «الربيع» فاعل نتج ، «محاسنا» مفعول به لنتج ، «ألقحنها» ألقح : فعل ماض ، والنون علامة على جمع الإناث ، وضمير الغائب العائد إلى المحاسن مفعول به ، «غر» فاعل ألقح ، وغر مضاف ، و «السحائب» مضاف إليه ، وسكن لأجل الوقف.
الشّاهد فيه : قوله «ألقحنها غرّ السحائب» فإن قوله «غر» فاعل «ألقح» وغر : جمع غراء ، وقد ألحق بالفعل علامة جمع المؤنث ، وهي النون ، مع إسناده إلى الفاعل الظاهر الذي هو غر السحائب ، وليست هذه النون هي الفاعل وما بعدها بدل منها ؛ لأن جعل النون علامة يجري على لغة جماعة مخصوصين من العرب ، وهم الذين يلحقون بالفعل علامات التثنية والجمع ، كما يلحق جميع العرب علامة التأنيث ، فإن جعلت النون فاعلا و «غر السحائب» بدلا منه ـ كان ذلك جاريا على لغة جمهور العرب ، ولم يكن خاصّا بلغة قوم منهم.