الثالث : أن يكون المضاف عاملا في الحال ، كما في قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) [يونس ، ٤] ف (جميعا) حال من الكاف والميم المخفوضة بإضافة المرجع ، والمرجع هو العامل في الحال ، وصحّ له أن يعمل لأن المعنى عليه مع أنه مصدر ؛ فهو بمنزلة الفعل ، ألا ترى أنه لو قيل : إليه ترجعون جميعا ، كان العامل الفعل الذي المصدر بمعناه.
ثم بيّنت أن للحال أحكاما أربعة ، وأن تلك الأربعة ربما تخلفت.
فالأول : الانتقال ؛ ونعني به أن لا يكون وصفا ثابتا لازما ، وذلك كقولك : «جاء زيد ضاحكا» ألا ترى أن الضحك يزايل زيدا ، ولا يلازمه ، هذا هو الأصل ، وربما جاءت دالة على وصف ثابت ، كقول الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) [الأنعام ، ١١٤] أي : مبينا ، وقول العرب «خلق الله الزّرافة يديها أطول من رجليها» فالزرافة ـ بفتح الزاي ـ مفعول لخلق ، ويديها بدل منها [بدل] بعض من كلّ ، وأطول : حال من الزرافة ، ومن رجليها : متعلق بأطول.
وقد عاب بعض الجهال ما جزمت به من فتح الزاي ، وقال : فيها الفتح والضم فبينت له أن هذه اللفظة ذكرها أبو منصور موهوب بن الجواليقي في كتابه فيما تغلط فيه العامة ، فقال في باب ما جاء مفتوحا والعامة تضمه ما نصه : وهي الزرافة ـ بفتح الزاي ـ هذه الدابة التي جمعت فيها خلق شتى ، مأخوذة من قولهم للجمع من الناس «زرافة» بالفتح ، وهو الوجه ، والعامة تضمها ، انتهى كلامه ، واللغات الشاذّة لا تحصى ، وإنما يعمل على ما عليه الفصحاء الموثوق بلغتهم.
الثاني : الاشتقاق ، وهو : أن تكون وصفا مأخوذا من مصدر كما قدمناه من الأمثلة ، وربما جاءت اسما جامدا كقوله تعالى : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) [النساء ، ٧١] فثبات : حال من الواو في (انفروا) وهو جامد ، لكنه في تأويل المشتق ، أي : متفرقين ، بدليل قوله تعالى : (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) [النساء ، ٧١] ، وقد اشتملت هذه الآية على مجيء الحال جامدة وعلى مجيئها مشتقة.
الثالث : أن تكون نكرة ، كجميع ما قدمناه من الأمثلة ، وقد تأتي بلفظ المعرف