وإعمال «إن» هذه لغة أهل العالية (١).
وأما «لات» فإنها تعمل هذا العمل أيضا ، ولكنها تختص عن أخواتها بأمرين :
أحدهما : أنها لا تعمل إلا في ثلاث كلمات ، وهي «الحين» بكثرة ، و «الساعة» و «الأوان» بقلة.
والثاني : أن اسمها وخبرها لا يجتمعان ، والغالب أن يكون المحذوف اسمها والمذكور خبرها ، وقد يعكس.
فالأول كقوله تعالى : (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص ، ٣].
الواو للحال و (لا) نافية بمعنى ليس ، والتاء زائدة لتوكيد النفي والمبالغة فيه ، كالتاء في راوية ، أو لتأنيث الحرف ، واسمها محذوف ، و (حِينَ مَناصٍ) خبرها ، ومضاف إليه ، أي : فنادوا والحال أنه ليس الحين حين مناص ، أي : فرار وتأخير.
والثاني كقراءة بعضهم (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ) [ص ، ٣] بالرفع ،
______________________________________________________
لاضطراب كلمة ابن مالك صاحب الألفية في كتبه ، على وفق ما ذكره ابن عقيل في شرحه على الألفية ، ووفق ما ذكره الأشموني أيضا ، فإنهما قالا : إن ابن مالك أجاز في شرح التسهيل القياس على مجيء اسم لا معرفة ، وحكم في كتابه شرح الكافية بشذوذه ، وتأول ما جاء عن العرب مما ظاهره ذلك ، ونحن نقول : إن ابن مالك لم تضطرب كلمته في هذا الموضع ، بل كلامه في عامة كتبه على أن مجيء اسم لا النافية العاملة عمل ليس معرفة شاذ ، ومع هذا فإنا نرجح أنه ليس بشاذ ، بل هو قليل ، على ما هو مذهب ابن جني وابن الشجري وارتضاه أبو حيان من بعدهم جميعا ، ويدل لذلك أنه قد جاء في جملة صالحة من الشعر ، فمنها البيت الذي أنشده المؤلف ، ومنها قول النابغة الجعدي :
وحلّت سواد القلب ، لا أنا بانيا |
|
سواها ، ولا عن حبّها متراخيا |
__________________
(١) العالية ـ بالعين المهملة ـ المراد بها ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وما والاها ، وقد اختلف النحاة في جواز إعمال «إن» النافية ؛ فذهب أكثر الكوفيين والكسائي وأبو بكر وأبو علي وأبو الفتح إلى جواز إعمالها ، وذهب أكثر البصريين والفراء إلى المنع ، ونقل السهيلي أن سيبويه يجيز إعمالها والمبرد لا يجيزه ، ونقل النحاس عنهما عكس ما نقله السهيلي ، ونقل ابن مالك عنهما القول بجواز إعمالها.