فأما «ما» فإنها تعمل هذا العمل بأربعة شروط :
أحدها : أن يكون اسمها مقدّما وخبرها مؤخرا.
والثاني : أن لا يقترن الاسم بإن الزائدة.
والثالث : أن لا يقترن الخبر بإلّا.
والرابع : ألا يليها معمول الخبر وليس ظرفا ولا جارّا ومجرورا.
فإذا استوفت هذه الشروط الأربعة عملت هذا العمل ـ سواء أكان اسمها وخبرها نكرتين ، أو معرفتين ، أو كان الاسم معرفة والخبر نكرة.
فالمعرفتان كقوله تعالى : (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) [المجادلة ، ٢].
والنكرتان كقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة ، ٤٧] ف (أحد) اسمها ، و (حاجِزِينَ) خبرها و (مِنْكُمْ) متعلق بمحذوف تقديره أعنى ، ويحتمل أن أحدا فاعل (مِنْكُمْ) لاعتماده على النفي ، و (حاجِزِينَ) نعت له على لفظه.
فإن قلت : كيف يوصف الواحد بالجمع؟ وكيف يخبر به عنه؟
قلت : جوابهما أنه اسم عام ، ولهذا جاء (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٥].
والمختلفان كقوله تعالى : (ما هذا بَشَراً) [يوسف ، ٣١] ولم يقع في القرآن إعمال «ما» صريحا في غير هذه المواضع الثلاثة ، على الاحتمال المذكور في الثاني ، وإعمالها لغة أهل الحجاز ، ولا يجيزونه في نحو قوله :
٩٠ ـ بني غدانة ما إن أنتم ذهب |
|
ولا صريف ولكن أنتم الخزف |
______________________________________________________
٩٠ ـ هذا بيت من البسيط ، وهو من الشواهد التي لم أقف لها على نسبة إلى قائل معين ، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢١١) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٠١) وفي القطر (رقم ٥٠).
اللّغة : «غدانة» بضم الغين المعجمة بعدها دال مهملة وبعد الألف نون موحدة ـ حي من بني يربوع «صريف» هو الفضة «الخزف» الفخار الذي يعمل من الطين ثم يشوى بالنار.
الإعراب : «بني» منادى بحرف نداء محذوف ، والأصل يا بني ، وبني مضاف «غدانة»