أنكروا اسمه الرحمن (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) [الفرقان : ٦٠].
والمعنى على الذين خشوا : خشي صاحب هذا الاسم ، فأنتم لا حظّ لكم في الجنة لأنكم تنكرون أن الله رحمان بله أن تخشوه.
ووصف قلب ب (مُنِيبٍ) على طريقة المجاز العقلي لأن القلب سبب الإنابة لأنه الباعث عليها.
وجملة (ادْخُلُوها بِسَلامٍ) من تمام مقول القول المحذوف. وهذا الإذن من كمال إكرام الضيف أنه إن دعي إلى الوليمة أو جيء به فإنه إذا بلغ المنزل قيل له : ادخل بسلام.
والباء في (بِسَلامٍ) للملابسة. والسلام : السلامة من كل أذى من تعب أو نصب ، وهو دعاء. ويجوز أن يراد به أيضا تسليم الملائكة عليهم حين دخولهم الجنة مثل قوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس : ٥٨].
ومحل هذه الجملة من التي قبلها الاستئناف البياني لأن ما قبلها يثير ترقب المخاطبين للإذن بإنجاز ما وعدوا به.
وجملة (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) يجوز أن تكون مما يقال للمتقين على حد قوله : (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [الزمر : ٧٣] ، والإشارة إلى اليوم الذي هم فيه. وكان اسم الإشارة للبعيد للتعظيم. ويجوز أن تكون الإشارة إلى اليوم المذكور في قوله : يوم يقول (لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ) [ق : ٣٠] فإنه بعد أن ذكر ما يلاقيه أهل جهنم وأهل الجنة أعقبه بقوله : (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) ترهيبا وترغيبا ، وعلى هذا الوجه الثاني تكون هذه الجملة معترضة اعتراضا موجها إلى المتقين يوم القيامة أو إلى السامعين في الدنيا. وعلى كلا الوجهين فإضافة (يَوْمُ) إلى (الْخُلُودِ) باعتبار أن أول أيام الخلود هي أيام ذات مقادير غير معتادة ، أو باعتبار استعمال (يَوْمُ) بمعنى مطلق الزمان.
وبين كلمة (ادْخُلُوها) وكلمة (الْخُلُودِ) الجناس المقلوب الناقص ، ثم إن جملة (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) يجوز أن تكون من بقية ما يقال للمتقين ابتداء من قوله: (هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) فيكون ضمير الغيبة التفاتا وأصله : لكم ما تشاءون. ويجوز أن تكون مما خوطب به الفريقان في الدنيا وعلى الاحتمالين فهي مستأنفة استئنافا بيانيا.
و (لَدَيْنا مَزِيدٌ) ، أي زيادة على ما يشاءون مما لم يخطر ببالهم ، وذلك زيادة في