من إضافة الموصوف إلى الصفة.
والمراد : ظنهم بالله أنهم لم يعد الرسول صلىاللهعليهوسلم بالفتح ولا أمره بالخروج إلى العمرة ولا يقدر للرسول صلىاللهعليهوسلم النصر لقلة أتباعه وعزة أعدائه ، فهذا ظن سوء بالرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهذا المناسب لقراءته بالفتح.
وأمّا (دائِرَةُ السَّوْءِ) في قراءة الجمهور فهي الدائرة التي تسوء أولئك الظانين بقرينة قوله : (عَلَيْهِمْ) ، ولا التفات إلى كونها محمودة عند المؤمنين إذ ليس المقام لبيان ذلك والإضافة مثل إضافة (ظَنَّ السَّوْءِ) ، وأما في قراءة ابن كثير وأبي عمرو فإضافة (دائِرَةُ) المضموم من إضافة الأسماء ، أي الدائرة المختصة بالسوء والملازمة له لا من إضافة الموصوف. وليس في قراءتهما خصوصية زائدة على قراءة الجمهور ولكنها جمعت بين الاستعمالين ففتح السوء الأول متعيّن وضم الثاني جائز وليس براجح والاختلاف اختلاف في الرواية.
وجملة (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) دعاء أو وعيد ، ولذلك جاءت بالاسمية لصلوحيتها لذلك بخلاف جملة (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ) فإنها إخبار عما جنوه من سوء فعلهم فالتعبير بالماضي منه أظهر.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (٧))
هذا نظير ما تقدم آنفا إلا أن هذا أوثر بصفة عزيز دون عليم لأن المقصود من ذكر الجنود هنا الإنذار والوعيد بهزائم تحل بالمنافقين والمشركين فكما ذكر (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيما تقدم للإشارة إلى أنّ نصر النبي صلىاللهعليهوسلم يكون بجنود المؤمنين وغيرهما ذكر ما هنا للوعيد بالهزيمة فمناسبة صفة عزيز ، أي لا يغلبه غالب.
[٨ ، ٩] (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩))
لما أريد الانتقال من الوعد بالفتح والنصر وما اقتضاه ذلك مما اتصل به ذكره إلى تبيين ما جرى في حادثة الحديبية وإبلاغ كل ذي حظ من تلك القضية نصيبه المستحق ثناء أو غيره صدر ذلك بذكر مراد الله من إرسال رسوله صلىاللهعليهوسلم ليكون ذلك كالمقدمة للقصة وذكرت حكمة الله تعالى في إرساله ما له مزيد اختصاص بالواقعة المتحدث عنها ، فذكرت