وجملة (ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) معترضة. والإشارة في قوله : (ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) راجعة إلى النفع المأخوذ من فعل (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ). والإخبار عن النفخ بأنه (يَوْمُ الْوَعِيدِ) بتقدير مضاف ، أي ذلك حلول يوم الوعيد. وإضافة (يَوْمُ) إلى (الْوَعِيدِ) من إضافة الشيء إلى ما يقع فيه ، أي يوم حصول الوعيد الذي كانوا توعدوا به ، والاقتصار على ذكر الوعيد لما علمت من أن المقصود الأول من هذه الآية هم المشركون. وفي الكلام اكتفاء ، تقديره : ويوم الوعد.
وعطفت جملة (جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ) على جملة (نُفِخَ فِي الصُّورِ). والمراد ب (كُلُّ نَفْسٍ) كل نفس من المتحدث عنهم وهم المشركون ، ويدل عليه أمور :
أحدهما : السياق.
والثاني : قوله (مَعَها سائِقٌ) لأن السائق يناسب إزجاء أهل الجرائم ، وأما المهديون إلى الكرامة فإنما يهديهم قائد يسير أمامهم قال تعالى : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) [الأنفال : ٦].
والثالث : قوله بعده (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) [ق : ٢٢].
والرابع : قوله بعده (وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) [ق : ٢٣] الآية.
وجملة (مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) بدل اشتمال من جملة (جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ). و (سائِقٌ) مرفوع بالظرف الذي هو (مَعَها) على رأي من أجازه ، أو مبتدأ خبره (مَعَها). ويجوز أن يكون جملة (مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) حالا من (كُلُّ نَفْسٍ). وعطف (وَشَهِيدٌ) على (سائِقٌ) يجوز أن يكون من عطف ذات على ذات فيكون المراد ملكان أحدهما يسوق النفس إلى المحشر والآخر يشهد عليها بما حوته صحائف أعمالها. ويجوز أن يكون من عطف الصفات مثل :
إلى الملك القرم وابن الهمام
فهو ملك واحد.
والسائق الذي يجعل غيره أمامه يزجيه في السير ليكون بمرأى منه كيلا ينفلت وذلك من شأن المشي به إلى ما يسوء قال تعالى : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) [الأنفال : ٦] وقال : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) [الزمر : ٧١] ، وأما قوله : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى