أخبارا ومناقب وأعمالا مكذوبة موهومة.
والإفك : الكذب. وتقدم في قوله (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) في سورة النور [١١].
وجملة (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) إن كان قوم إبراهيم يعترفون لله تعالى بالإلهية والخلق والرزق ولكنهم يجعلون له شركاء في العبادة ليكونوا لهم شفعاء كحال مشركي العرب تكون الجملة تعليلا لجملة (اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) أي هو المستحق للعبادة التي هي شكر على نعمه ، وإن كان قومه لا يثبتون إلهية لغير أصنامهم كانت جملة (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) مستأنفة ابتدائية إبطالا لاعتقادهم أن آلهتهم ترزقهم ، ويرجح هذا الاحتمال التفريع في قوله (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ). وقد تقدم في سورة الشعراء التردد في حال إشراك قوم إبراهيم وكذلك في سورة الأنبياء.
وتنكير (رِزْقاً) في سياق النفي يدل على عموم نفي قدرة أصنامهم على كل رزق ولو قليلا. وتفريع الأمر بابتغاء الرزق من الله إبطال لظنهم الرزق من أصنامهم أو تذكير بأن الرازق هو الله ، فابتغاء الرزق منه يقتضي تخصيصه بالعبادة كما دل عليه عطف (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ). وقد سلك إبراهيم مسلك الاستدلال بالنعم الحسية لأن إثباتها أقرب إلى أذهان العموم.
و (عِنْدَ) ظرف مكان وهو مجاز. شبّه طلب الرزق من الله بالبحث عن شيء في مكان يختص به فاستعير له (عِنْدَ) الدالة على المكان المختص بما يضاف إليه الظرف.
وعدّي الشكر باللام جريا على أكثر استعماله في كلام العرب لقصد إفادة ما في اللام من معنى الاختصاص أي الاستحقاق.
ولام التعريف في (الرِّزْقَ) لام الجنس المفيدة للاستغراق بمعونة المقام ، أي فاطلبوا كل رزق قلّ أو كثر من الله دون غيره. والمعرّف بلام الجنس في قوة النكرة فكأنه قيل : فابتغوا عند الله رزقا ، ولذلك لم تكن إعادة لفظ الرزق بالتعريف مقتضية كونه غير الأول ، فلا تنطبق هنا قاعدة النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى.
وجملة (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تعليل للأمر بعبادته وشكره ، أي لأنه الذي يجازي على ذلك ثوابا وعلى ضده عقابا إذ إلى الله لا إلى غيره مرجعكم بعد الموت. وفي هذا إدماج تعليل بالعبادة بإثبات البعث.