وجملة (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) مستأنفة لبيان ما اقتضته جملة (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) من التشنيع والتفظيع.
وقرأ نافع والكسائي بياء تحتية على عدم الاعتداد بالتأنيث ، وذلك جائز في الاستعمال إذا لم يكن الفعل رافعا لضمير مؤنث متصل ، وقرأ البقية : (تَكادُ) بالتاء المثناة الفوقية ، وهو الوجه الآخر.
والتفطر : الانشقاق ، والجمع بينه وبين (وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) تفنّن في استعمال المترادف لدفع ثقل تكرير اللفظ. والخرور : السقوط.
ومن في قوله : (مِنْهُ) للتعليل ، والضمير المجرور بمن عائد إلى (شَيْئاً إِدًّا) ، أو إلى القول المستفاد من (قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً).
والكلام جار على المبالغة في التهويل من فظاعة هذا القول بحيث إنه يبلغ إلى الجمادات العظيمة فيغيّر كيانها.
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وحفص عن عاصم ، والكسائي : (يَتَفَطَّرْنَ) بمثناة تحتية بعدها تاء فوقية. وقرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، وأبو جعفر ، ويعقوب ، وخلف ، وأبو بكر عن عاصم ، بتحتية بعدها نون ، من الانفطار. والوجهان مطاوع فطر المضاعف أو فطر المجرد ، ولا يكاد ينضبط الفرق بين البنيتين في الاستعمال. ولعلّ محاولة التّفرقة بينهما كما في «الكشاف» و «الشافية» لا يطرد ، قال تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) [الفرقان : ٢٥] ، وقال : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق : ١] ، وقرئ في هذه الآية : ينفطرون وينفطرن ، والأصل توافق القراءتين في البلاغة.
والهدّ : هدم البناء. وانتصب (هَدًّا) على المفعولية المطلقة لبيان نوع الخرور ، أي سقوط الهدم ، وهو أن يتساقط شظايا وقطعا.
و (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) متعلّق بكل من (يَتَفَطَّرْنَ) ، و (تَنْشَقُ) ، و (تَخِرُّ) ، وهو على حذف لام الجرّ قبل (أن) المصدريّة وهو حذف مطرد.
والمقصود منه تأكيد ما أفيد من قوله : (مِنْهُ) ، وزيادة بيان لمعاد الضمير المجرور في قوله (مِنْهُ) اعتناء ببيانه.
ومعنى (دَعَوْا) : نسبوا ، كقوله تعالى : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) [الأحزاب : ٥] ، ومنه يقال :