الشرط المظنون عدم وجوده.
وجملة (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) معترضة بين جملة (وَما أَرْسَلْنا) وبين قوله تعالى : (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ).
والجملة المعترضة تقترن بالفاء إذا كان معنى الجملة مفرّعا على ما قبله ، وقد جعلها في «الكشاف» معترضة على اعتبار وجوه ذكرها في متعلّق قوله تعالى : (بِالْبَيِّناتِ).
ونقل عنه في سورة الإنسان [٢٩] عند قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أنه لا تقترن الجملة المعترضة بالفاء. وتردد صاحب «الكشاف» في صحة ذلك عنه لمخالفته كلامه في آية سورة النحل.
وقوله (بِالْبَيِّناتِ) متعلّق بمستقر صفة أو حالا من (رِجالاً). وفي تعلّقه وجوه أخر ذكرها في «الكشاف» ، والباء للمصاحبة ، أي مصحوبين بالبينات والزبر ، فالبينات دلائل الصّدق من معجزات أو أدلّة عقلية. وقد اجتمع ذلك في القرآن وافترق بين الرسل الأوّلين كما تفرّق منه كثير لرسولنا صلىاللهعليهوسلم.
و (الزُّبُرِ) : جمع زبور وهو مشتقّ من الزبر أي الكتابة ، ففعول بمعنى مفعول. و (الزُّبُرِ) الكتب التي كتب فيها ما أوحي إلى الرسل مثل صحف إبراهيم والتوراة وما كتبه الحواريون من الوحي إلى عيسى ـ عليهالسلام ـ وإن لم يكتبه عيسى.
ولعل عطف (الزُّبُرِ) على (بِالْبَيِّناتِ) عطف تقسيم بقصد التوزيع ، أي بعضهم مصحوب بالبينات وبعضهم بالأمرين لأنه قد تجيء رسل بدون كتب ، مثل حنظلة بن صفوان رسول أهل الرّسّ وخالد بن سنان رسول عبس. ولم يذكر الله لنوح ـ عليهالسلام ـ كتابا.
وقد تجعل (الزُّبُرِ) خاصة بالكتب الوجيزة التي ليست فيها شريعة واسعة مثل صحف إبراهيم وزبور داود ـ عليهماالسلام ـ والإنجيل كما فسّروها به في سورة فاطر.
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
لما اتّضحت الحجّة بشواهد التاريخ الذي لا ينكر ذكرت النتيجة المقصودة ، وهو أن ما أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم إنما هو ذكر وليس أساطير الأوّلين.
والذكر الكلام الذي شأنه أن يذكر ، أي يتلى ويكرّر. وقد تقدّم عند قوله تعالى :