وقيل الضمير عائد إلى (أَمْرُ اللهِ) ، وعليه تكون تعدية فعل الاستعجال إليه على نزع الخافض.
والمراد من النهي هنا دقيق لم يذكروه في موارد صيغ النهي. ويجدر أن يكون للتسوية كما ترد صيغة الأمر للتسوية ، أي لا جدوى في استعجاله لأنه لا يعجّل قبل وقته المؤجّل له.
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
مستأنفة استئنافا ابتدائيا لأنها المقصود من الوعيد ، إذ الوعيد والزّجر إنما كانا لأجل إبطال الإشراك ، فكانت جملة (أَتى أَمْرُ اللهِ) كالمقدمة ، وجملة (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) كالمقصد.
و (ما) في قوله : (عَمَّا يُشْرِكُونَ) مصدرية ، أي عن إشراكهم غيره معه.
وقرأ الجمهور (يُشْرِكُونَ) بالتحتية على طريقة الالتفات ، فعدل عن الخطاب ليختص التبرؤ من شأنهم أن ينزلوا عن شرف الخطاب إلى الغيبة.
وقرأه حمزة والكسائي بالمثناة الفوقية تبعا لقوله : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).
(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢))
كان استعجالهم بالعذاب استهزاء بالرسول صلىاللهعليهوسلم وتكذيبه ، وكان ناشئا عن عقيدة الإشراك التي من أصولها استحالة إرسال الرسل من البشر.
وأتبع تحقيق مجيء العذاب بتنزيه الله عن الشريك فقفّي ذلك بتبرئة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ من الكذب فيما يبلغه عن ربّه ووصف لهم الإرسال وصفا موجزا. وهذا اعتراض في أثناء الاستدلال على التوحيد.
والمراد بالملائكة الواحد منهم وهو جبرئيل ـ عليهالسلام ـ.
والروح : الوحي. أطلق عليه اسم الروح على وجه الاستعارة لأن الوحي به هدي العقول إلى الحقّ ، فشبّه الوحي بالروح كما يشبّه العلم الحقّ بالحياة ، وكما يشبّه الجهل بالموت قال تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) [سورة الأنعام : ١٢٢].