في أحوال مخصوصة ، أو بتركيب شيء مع شيء مثل نزول البرد من السحاب وانفجار العيون من الأرض بقصد أو على وجه المصادفة.
وقوله (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) أطلق الإنزال على تمكين الناس من الأمور التي خلقها الله لنفعهم ، قال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) في سورة البقرة [٢٩] ، إطلاقا مجازيا لأن ما خلقه الله لمّا كان من أثر أمر التكوين الإلهي شبّه تمكين الناس منه بإنزال شيء من علو باعتبار أنه من العالم اللدني ، وهو علو معنوي ، أو باعتبار أن تصاريف الأمور كائن في العوالم العلوية ، وهذا كقوله تعالى (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) في سورة الزمر [٦] ، وقوله تعالى (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) في سورة الطلاق [١٢].
والقدر ـ بفتح الدال ـ : التقدير. وتقدم عند قوله تعالى (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) في سورة الرعد [١٧].
والمراد ب (مَعْلُومٍ) أنه معلوم تقديره عند الله تعالى.
(وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢))
انتقال من الاستدلال بظواهر السماء وظواهر الأرض إلى الاستدلال بظواهر كرة الهواء الواقعة بين السماء والأرض ، وذلك للاستدلال بفعل الرياح والمنة بما فيها من الفوائد.
والإرسال : مجاز في نقل الشيء من مكان إلى مكان. وهذا يدل على أن الرياح مستمرة الهبوب في الكرة الهوائية. وهي تظهر في مكان آتية إليه من مكان آخر وهكذا ...
و (لَواقِحَ) حال من (الرِّياحَ). وقع هذا الحال إدماجا لإفادة معنيين كما سيأتي عن مالك ـ رحمهالله ـ.
و (لَواقِحَ) صالح لأن يكون جمع لاقح وهي الناقة الحبلى. واستعمل هنا استعارة للريح المشتملة على الرطوبة التي تكون سببا في نزول المطر ، كما استعمل في ضدها العقيم ضد اللاقح في قوله تعالى (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) [سورة الذاريات : ٤١].