ليعلم كلّ الورى أنّني |
|
أتيت المروءة من بابها |
وربما قالوا : أتى بفاحشة وبمكروه كأنّه جاء مصاحبا له.
وقوله : (مِنْ نِسائِكُمْ) بيان للموصول وصلته. والنساء اسم جمع امرأة ، وهي الأنثى من الإنسان ، وتطلق المرأة على الزوجة فلذلك يطلق النساء على الإناث مطلقا ، وعلى الزوجات خاصّة ويعرف المراد بالقرينة ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) [الحجرات : ١١] ثم قال ـ (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) [الحجرات : ١١] فقابل بالنساء القوم. والمراد الإناث كلهنّ ، وقال تعالى : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) [النساء : ١١] الآية المتقدّمة آنفا والمراد هنا مطلق النساء فيشمل العذارى العزبات.
وضمير جمع المخاطبين في قوله : (مِنْ نِسائِكُمْ) والضمائر الموالية له ، عائدة إلى المسلمين على الإجمال ، ويتعيّن للقيام بما خوطبوا به من لهم أهلية القيام بذلك. فضمير (نِسائِكُمْ) عامّ مراد به نساء المسلمين ، وضمير (فَاسْتَشْهِدُوا) مخصوص بمن يهمّه الأمر من الأزواج ، وضمير (فَأَمْسِكُوهُنَ) مخصوص بولاة الأمور ، لأنّ الإمساك المذكور سجن وهو حكم لا يتولّاه إلّا القضاة ، وهم الذين ينظرون في قبول الشهادة فهذه عمومها مراد به الخصوص.
وهذه الآية هي الأصل في اشتراط أربعة في الشهادة على الزنى ، وقد تقرّر ذلك بآية سورة النور.
ويعتبر في الشهادة الموجبة للإمساك في البيوت ما يعتبر في شهادة الزنى لإقامة الحدّ سواء.
والمراد بالبيوت البيوت التي يعيّنها ولاة الأمور لذلك. وليس المراد إمساكهن في بيوتهنّ بل يخرجن من بيوتهنّ إلى بيوت أخرى إلّا إذا حوّلت بيت المسجونة إلى الوضع تحت نظر القاضي وحراسته ، وقد دلّ على هذا المعنى قوله تعالى في آية سورة الطلاق عند ذكر العدّة (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الطلاق : ١].
ومعنى (يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) يتقاضاهن. يقال : توفّى فلان حقّه من فلان واستوفاه حقّه. والعرب تتخيّل العمر مجزّأ. فالأيام والزمان والموت يستخلصه من صاحبه منجّما إلى أن تتوفّاه. قال طرفة :