سويد وعرفطة ، وروى أنّهما قتادة وعرفجة ، وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا دعا العمّ أو ابني العمّ قال ، أو قالا له «يا رسول الله لا نعطي من لا يركب فرسا ولا يحمل كلا ولا ينكي عدوّا» فقال «انصرف أو انصرفا ، حتّى انظر ما يحدث الله فيهنّ» فنزلت آية (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) الآية. وروي أنّه لمّا نزلت هاته الآية أرسل النبي صلىاللهعليهوسلم إلى وليّ البنتين فقال : «لا تفرّق من مال أبيهما شيئا فإنّ الله قد جعل لهنّ نصيبا»
والنصيب تقدّم عند قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) في سورة آل عمران [٢٣].
وقوله : بيان ل (مِمَّا تَرَكَ) لقصد تعميم ما ترك الوالدان والأقربون وتنصيص على أنّ الحقّ متعلّق بكلّ جزء من المال ، حتّى لا يستأثر بعضهم بشيء ، وقد كان الرجل في الجاهلية يعطي أبناءه من ماله على قدر ميله كما أوصى نزار بن معدّ بن عدنان لأبنائه : مضر ، وربيعة ، وإياد ، وأنمار ، فجعل لمضر الحمراء كلّها ، وجعل لربيعة الفرس ، وجعل لإياد الخادم ، وجعل لأنمار الحمار ، ووكلهم في إلحاق بقية ماله بهاته الأصناف الأربعة إلى الأفعى الجرهمي في نجران ، فانصرفوا إليه ، فقسم بينهم ، وهو الذي أرسل المثل : إنّ العصا من العصيّة.
وقوله : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) حال من (نَصِيبٌ) في قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ) وحيث أريد بنصيب الجنس جاء الحال منه مفردا ولم يراع تعدّده ، فلم يقل : نصيبين مفروضين ، على اعتبار كون المذكور نصيبين ، ولا قيل : أنصباء مفروضة ، على اعتبار كون المذكور موزّعا للرجال وللنساء ، بل روعي الجنس فجيء بالحال مفردا و (مَفْرُوضاً) وصف ، ومعنى كونه مفروضا أنّه معيّن المقدار لكلّ صنف من الرجال والنساء ، كما قال تعالى في الآية الآتية (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) [النساء : ١١]. وهذا أوضح دليل على أنّ المقصود بهذه الآية تشريع المواريث.
(وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٨))
جملة معطوفة على جملة (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) [النساء : ٧] إلى آخرها. وهذا أمر بعطية تعطى من الأموال الموروثة : أمر الورثة أن يسهموا لمن يحضر القسمة من ذوي قرابتهم غير الذين لهم حقّ في الإرث ، ممّن شأنهم أن يحضروا مجالس الفصل بين الأقرباء.