أيكون لنا الأمر من بعدك؟
فقال له : الأمر إلى الله يضعه حيث شاء.
فقال له : أ نقاتل العرب دونك ـ وفي رواية : أنهدف نحورنا للعرب دونك ، أي : نجعل نحورنا هدفا لنبلهم ـ فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟! لا حاجة لنا بأمرك. وأبوا عليه » (١).
فإنّ هذا الخبر جدير بالملاحظة الدقيقة ..
لقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حين عرض نفسه على تلك القبيلة ودعاهم إلى التوحيد ـ في أصعب الظروف وأشقّها ، إنّه كان يطلب من القوم ـ حسب هذه الأخبار ـ أن يؤمنوا به ويحموه من كيد المشركين وأذاهم .. « فيردّون عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أقبح الردّ ، يقولون له : أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتّبعوك ».
إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعنيه حتّى الرجل الواحد يؤمن به ويتّبعه ويمنعه من أن يلحقه الأذى من قريش وغيرها.
ومع كلّ هذا ، فلمّا طلبت منه تلك القبيلة أن يعدهم برئاسة إن أظفره الله على من خالفه! أجاب بكلّ صراحة وبلا أيّ تردّد : « الأمر إلى الله يضعه حيث شاء » أي : ليس أمر خلافته من بعده بيده ، كما لم يكن أمر نبوّته بيده ..
إنّ هذا الخبر لمن أقوى الأدلّة السمعية على إنّ نصب الإمام بيد الله سبحانه وتعالى ، وليس الأمر بيد الرسول فضلا عن أن يترك إلى الناس!!
__________________
(١) السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٢ / ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٥٤.