وفي الجملة ، فإنّ علم الكلام من العلوم الإسلامية الأساسية ، ولم يكن العلم في يوم من الأيّام من أسباب ضعف المسلمين وهزيمتهم ، بل كان ـ متى ما استخدم على حقيقته واتّبعت أساليبه الصحيحة ـ من أسباب وحدة المسلمين ورصّ صفوفهم وصمودهم أمام الخصوم.
إنّا لا ننكر أنّ بعض المتكلّمين اتّخذوا علم الكلام وسيلة لتوجيه عقائدهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة ، إلّا أنّ هذا لا يختصّ بعلم الكلام ، فقد اتّخذ غيره من العلوم الإسلامية وسيلة للأهداف والأغراض المخالفة للحقّ والدين ، وهذا لا يسوّغ اتّهام « العلم » ، بل على الناس أن يفرّقوا بين المتكلّمين ، فيعرفوا المحقّ منهم فيتّبعوه ويعرفوا المغرض فيحذروه.
وإنّنا لنعتقد أنّ طرح المسائل الخلافية بين العلماء ، ثمّ عرضها على الكتاب والسنّة والعقل السليم والمنطق الصحيح المقبول لدى العقلاء ، وتحكيم الأدلّة المتينة والحجج المعتبرة ، هو من خير الطرق لتحقيق الوحدة بين المسلمين ...
وهذا هو الغرض الذي لأجله أسّس علم الكلام ، فهذا العلم في الحقيقة يدعو إلى الوحدة والوئام ، ويحذّر من التفرّق والخصام ، فهو لا يتنافى مع وحدة المسلمين وحسب ، بل من أسبابها ووسائلها إن استخدم على الطريقة الصحيحة وابتغي به الحقّ والصواب ، وبالله التوفيق.
وكما ذكرنا .. فإنّه إذا كان الاستدلال منطقيا والبحث سليما ، وكانت