أجمعين.
ثمّ إنّه قد جاء التعبير عن « الجدال بالباطل » ب « الجدال بغير سلطان » في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ ) (١) و « السلطان » هو « الحجّة » سمّيت به لسيطرتها وتسلّطها على القلوب (٢).
ومنه يفهم أنّ المراد من « الجدال بالحقّ » ، هو « الجدال بالحجّة ».
لكنّ « الحجّة » إنّما يحصل لها « السلطان » على القلوب إذا كانت ( بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٣) فلذا أمر الله تعالى بذلك ..
و في هذا إشارة إلى آداب البحث والمناظرة والجدل ..
لقد فسّرت الكلمة ب : الطريقة التي هي أصلح وأقرب للنتيجة والنفع (٤) .. وهو تفسير صحيح يتناسب مع المواضع المختلفة التي استعملت فيها الكلمة في القرآن الكريم ..
قال تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) (٥).
__________________
(١) سورة غافر ٤٠ : ٥٦.
(٢) انظر : المفردات في غريب القرآن : ٢٤٤ مادّة « سلط ».
(٣) سورة النحل ١٦ : ١٢٥.
(٤) انظر ما يقرب من ذلك في : تفسير الكشّاف ٢ / ٤٣٥ ، تفسير البحر المحيط ٥ / ٥٤٩ ، تفسير الطبري ١٠ / ١٤١.
(٥) سورة الأنعام ٦ : ١٥٢ ، سورة الإسراء ١٧ : ٣٤.