لشدّة ارتباط المعنى اللغوي للكلمة بالغرض المنطقي منها ..
قال الراغب الأصفهاني : « الجدال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ، وأصله من جدلت الحبل ، أي : أحكمت فتله ، ومنه الجديل ، وجدلت البناء أحكمته ، ودرع مجدولة ، والأجدل : الصقر المحكم البنية ، والمجدل : القصر المحكم البناء.
ومنه : الجدال ، فكأنّ المتجادلين يفتل كلّ واحد الآخر عن رأيه.
وقيل : الأصل في الجدال الصراع ، وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة ، وهي الأرض الصلبة » (١).
ولقد أقرّت الأديان السماوية أسلوب « الجدل » واتّخذه الأنبياء السابقون طريقا من طرق الدعوة .. وقد ورد في القرآن الكريم نماذج من ذلك كما سيأتي ..
وأمّا نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ففي الوقت الذي أرسل كما خاطبه الله عزّ وجلّ في الآية المباركة : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (٢) فقد حدّد له كيفية الدعوة وأداتها بقوله له : ( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) (٣) ثمّ أمره بالجدال حين يكون هناك جدال منهم ، فقال بعد
__________________
(١) المفردات في غريب القرآن : ٨٧ مادّة « جدل ».
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٤٥ و ٤٦.
(٣) سورة النحل ١٦ : ١٢٥.