ولا يخضع لذوي الجاه والسلطان ، متواضع مع الأوّل وعظيم مع الثاني ، وكان عظيما مع الناس أكثر من عظمته عند نفسه على حدّ قول إمامنا السجّاد عليهالسلام : « ولا ترفعني في الناس درجة إلّا حططتني عند نفسي مثلها ».
ثمّ قال : وإنّي لأحفظ له كلمة ، وكم له من كلمات خالدة! وهي :
« إنّ الرياء في زماننا لا معنى له ؛ لأنّ سوء الظنّ بلغ بالناس حدّا يتوهّمون العبادة الخالصة من المؤمن رياء ، فلا فائدة للمرائي ، ورياؤه لا ينخدع به الناس ».
ثمّ قال الشيخ محمّد طاهر آل راضي في كلمته : ولا تظنّ أنّه لدماثة أخلاقه كان ممّن تقتحمه العين ، فلقد كانت له هيبة تكاد أن ترتعد لها الفرائص ، وتصطكّ لها الأخامص ، ويخفق لها القلب.
كلّ ذلك في ما أعتقد سرّ هيبته الطاعة ، وعلوّ مكانته منها ، من غير أن يكون في شيء من ذلك متكلّفا أو متزمّتا ، فإنّه المجبول على الترسّل والتبسّط ، ولكنّه خلق خيّرا زكيّا.
ثمّ قال : وقد ذكر لي بعض ثقات أقاربه ، وكان أكبر من شيخنا سنّا : إنّ الشيخ لمّا كان صبيّا ما كانت له بطبعه هواية أن يلهو أو يلعب ، بل كان يحشر نفسه مع الصبيان ، ولكنّه يقف منهم على كثب فلا يشاركهم لعبهم ولهوهم ، فكأنّه خلق على الاتّزان ، وطبع على الوقار.
وإنّي كنت أجتمع به ، وأعدّ اجتماعي به من توفيقاتي ، كمن يجتمع مع ملك من ملائكة الله ، ولم أسمع منه مدّة العمر أن تعرّض لأحد إلّا بالخير والإطراء إذا كان ممّن يستحقّ ذلك ، وإلّا فلا يتعرّض له ، وربّما يتعرّض غيره له فتكون خطّته خطّة الدفاع عنه وحمله على الصحّة.