عند أهل الفن بالتحميل ، وهنا كما ترى المناسبة ظاهرة بين قوله : (وقد تجلى لنا جمال ساقينا) وبين قوله : (إن ليل الصد ولى وهلال السعد هلّا).
وهذا ولا ريب يكون له أحسن وقع في النفوس وأعظم تأثير فيها. ولا تظن أنه كان ممن يلتزم أن ينشد بعد قوله : (قم نغنم اللذات إلخ) (إن ليل الصد ولى إلخ) لأن ذلك يحفظ عنه ويقلد فيه ، بل تراه يدخل بعد قوله مثلا : (قم نغنم اللذات) إلى شغل آخر على طريقته المتقدمة ، فتراه كالفارس المغوار يصول ويجول في أي ميدان كان بحيث يدع الأفكار حيارى في تصرفاته وسرعة ما تنقلاته وحسن استحضاراته.
وكان ينشد في كل محفل ومجتمع ما يناسبه ، فكان ينشد في حلقات الأذكار بما يناسبها من كلام القوم ، وفي الأفراح بما يناسبها ، وربما اقترح عليه أن يكون مجلسه في ذلك اليوم في ذكر الخال ، فكنت تراه يمضي ذلك المجلس في الإنشاد من أناشيد وأشغال فيها ذكر الخال ، وكذا إذا اقترح عليه أن يكون مجلسه في ذكر العيون وهكذا.
وكان إذا وجد في عقد نكاح أو حفلات المولد النبوي يستقبل المدعوين حين دخولهم كل واحد على حسب مقامه وصنعته ، فيستقبل العالم بما يناسب العلماء والوجيه بما يناسب الوجهاء والتاجر بما يناسب التجار والشاب بما يناسب الشبان ونقباء الصناعة بما يناسب صناعتهم ، وربما صرح باسم الداخل وأدخله في إنشاده.
حدثت عنه أنه كان في عقد ، فدخل رجل يقال له عمر أفندي جابي الحرمين ، فحين دخوله شرع ينشد :
يا عمر هذه مكارم |
|
من أتى للرسل خاتم |
وهو من نشيد أوله :
حسبي المختار حسبي |
|
لحماه حادي سربي |
حبه أمسى نديمي |
|
والشفا من كل كرب |
ولا تسل هنا عما داخل عمر أفندي والحاضرين من الطرب والسرور ، وكل ذلك كان يأتي به بلا تكلف ولا توقف.
وكان يحفظ ما لا يحصى من النظم والنثر والأناشيد فيما يلزم لكل مجتمع ومحفل من