ينل من الوظائف ما يستحقها ، خصوصا وقد عرفت فيه كبراء الدولة العثمانية أن فيه نزعة عربية.
وكان قد علم نوايا الدولة الغربية واتفاقها على تقسيم الدولة العثمانية ، فكان يسعى بالتوفيق بين مصلحتها وبين النهضة العربية على طريقة اللامركزية ، وتوسيع المأذونية للولايات العثمانية ليحصل التمرين والملكة والاقتدار على الحكم الذاتي رويدا رويدا ، وفي ذلك نجاة الدولة العثمانية من خطر التقسيم ، ونهضة لأبناء الناطقين بالضاد. ولكن لم تتحقق تلك الأماني وكان ما كان من إعلان الحرب العامة وانفراط عقد الدولة العثمانية وانسلاخ الكثير من ولاياتها ، ولا ندري كيف تكون الأحوال في المستقبل فإن الله به عليم.
١٣٠٨ ـ الشيخ محمد الجزماتي المتوفى سنة ١٣٢٦
الشيخ محمد بن عبد الله بن نجيب بن عبد القادر ابن الحاج أحمد الشهير بالجزماتي (١). عالم تزينت الشهباء بحلي علومه ، وأشرقت في ربوعها شوارق فنونه ، فاستنارت بها هذه الأرجاء ، وتعطرت بطيب فضله هذه الأنحاء. كان في الفقه النعماني البحر الرائق ، وانطوى صدره منه على كنوز الدقايق.
ولد رحمهالله سنة ١٢٦٢ أو التي بعدها ، ومن حين نشأته شمر الذيل إلى طلب العلم وجد في التحصيل ، فتلقى العلوم النقلية والعقلية على جده لأمه العلامة الشيخ أحمد الترمانيني وشمل بنظره الكريم ، وتلقى علم الفرائض على الفرضي الشهير الشيخ مصطفى الشربجي.
وذهب إلى مصر في سنة ١٢٧٨ وجاور في أزهرها ست سنوات ، تلقى العلم على جملة أفاضل ، منهم الشيخ الدمنهوري والشيخ إبراهيم السقا والشيخ محمد الأنبابي ، وتلقى الفقه الحنفي عن الشيخ محمد الرافعي وعن الشيخ عبد القادر الرافعي مفتي الديار المصرية.
وبعد عودته من مصر ، وكان قد امتلأ وطابه ، شرع في نشر علمه وصار يقرأ الدروس
__________________
(١) الحاج أحمد هذا هو أول من توطن حلب قادما من تلمسان : بلدة في المغرب ، ووالده يسمى الحاج خليل الخبازة من بيت معروف هناك بالعلم والصلاح ، ولهم ثمة زوايا وتكايا.